ذي قار / حسين العامل
كشفت منظمات نسوية وناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في ذي قار عن تراجع دور المرأة في مجالات العمل ومركز القرار الحكومي وارتفاع معدلات الانتحار، وتعرض الناشطات لحملات ظلامية تشوه سمعة المدافعات عن حقوق المرأة، فيما اشارت الى ان حملات التشويه والتشهير باتت تهدد حياة الناشطات وتعرضهن الى المزيد من الضغوط الاسرية والمجتمعية التي تحد من نشاطهن وتحول دون تحقيق اهدافهن.
وقالت عضوة رابطة المرأة العراقية والناشطة في مجال التظاهرات ايمان الامين للمدى ان « المرأة العراقية منذ عام 2003 وحتى الان هي في حالة ثورة لتغيير الواقع والاوضاع المزرية التي تعاني منها «، لافتا الى ان « المرأة ومنظماتها المجتمعية تمكنت عبر حراكها المتواصل ودعم القوى الخيرة من انتزاع بعض المكاسب كفرض نظام الكوته النسوية وحق المرأة المتزوجة من اجنبي بمنح جنسيتها لأبنائها والحفاظ على مكتسباتها في قانون الاحوال الشخصية التي تحاول بعض الجهات الغائه واستبداله بالقانون الجعفري».
واشارت الامين الى ان « المكتسبات المتحققة للمرأة وان كانت شحيحة الا انها تواجه محاولات التفاف من قوى نافذة بالسلطة «، واوضحت «فالمرأة البرلمانية لازالت تخضع لسلطة رئيس الكتلة البرلمانية، كما ان حق المرأة الدستوري بالمساواة لا يجري تطبيقه بصورة فاعلة فتمثيل المرأة في سلطة ومركز القرار وشغل الوظائف المرموقة لا زال دون مستوى الطموح «.
واضافت عضوة رابطة المرأة العراقية ان « المرأة لم يجر تهميشها فقط من قبل الحكومة وانما حتى من قبل القوى التي تدعوا للتغيير «، لافتة الى ان « المرأة ورغم مشاركتها الواسعة ودعمها الكبير للحركة الاحتجاجية في انتفاضة تشرين الا انها حرمت حتى من المشاركة في اتخاذ القرارات التي تخص التظاهرات او التمثيل في اللجان التفاوضية».
واوضحت الامين ان « اللجان التفاوضية التي شكلها المتظاهرون لاختيار مرشحين لمنصب محافظ ذي قار على سبيل المثال لم تضم اية امرأة وكأن المرأة غير معنية باختيار الشخصية التي تتولى ادارة المحافظة».
واشارت عضوة رابطة المرأة العراقية الى ان « المرأة لازالت لم تأخذ دورها الحقيقي وتتعرض الى جملة من الانتهاكات لحقوقها ناهيك عما تتعرض له الناشطات من تهديد وحملات تشويه وتشهير من قبل المليشيات واتباع الاحزاب المتنفذة والمنتفعة من فساد السلطة»، مؤكدة « فقدان المرأة لكل حماية حكومية او مجتمعية اتجاه المخاطر التي تتهددها حتى انها اصبحت كفضاء مفتوح للعنف «.
لافتة الى ان « المنظمات الدولية والامم المتحدة دعت مؤخرا الحكومة العراقية الى حماية الناشطات والنساء اللواتي يترشحن للانتخابات من المخاطر التي تتهددهن ومن حملات التشويه والتشهير التي يتعرضن لها من الخصوم السياسيين «، مؤكدة ان « حملات التشويه والتشهير التي تتعرض لها النساء ولاسيما الناشطات تجعل حياتهن في خطر وتعرضهن الى المزيد من الضغوط الاسرية والمجتمعية التي تحول دون تحقيق ما تسعى اليه».
وكانت النساء المشاركات في تظاهرات تشرين قد كشفن في (السادس من كانون الاول 2020) عن استخدام قوى فاسدة وصفتها بالظلامية وسائل منحطة لإبعاد المرأة العراقية عن المشاركة بالتظاهرات المطلبية، وفيما اتهمن تلك القوى بشن حملات تشهير وتشويه وطعن بشرف الثائرات والتهديد بقتلهن، اشرن الى استخدام مواقع الكترونية للتحريض على قتل المتظاهرات والمتظاهرين ومن ثم اعتقالهم من قبل الاجهزة الامنية.
وبدورها ترى عضوة التجمع العلماني العراقي الناشطة النسوية حنان ناصر علي ان « المرأة لا زالت تعاني ليس فقط من سوء الاوضاع المجتمعية وانما حتى في تشريع القوانين ، فقانون حماية الاسرة والطفل للان لم يتم تشريعية من قبل البرلمان العراقي ولازالت القوى السياسية تماطل في ذلك»، واضافت ان « بعض الاوساط العشائرية للان تنظر للمرأة على انها عورة وناقصة عقل ودين وتستخدمها كسلعة في حسم الخلافات العشائرية وتقدمها (كدية) لأهل المقتول في الفصول العشائرية».
واوضحت علي في حديثها للمدى ان « التراجع الحاصل في المجتمع انعكس بدوره على المرأة ولاسيما في مجالات التعليم وفرص العمل والعنف الاسري وارتفاع معدلات الانتحار»، داعية «الجهات الحكومية والبرلمانية المعنية الى تبني برامج تنموية وتوعوية طموحة لمعالجة الاوضاع المتردية التي تواجه المرأة والاسرة العراقية».
واستدركت عضوة التجمع العلماني العراقي ان « المرأة رغم التراجع الحاصل لدورها في مرحلة ما بعد عام 2003 الا انها حققت بعض المكاسب من خلال مثابرتها وسعيها للدخول في معترك الحياة «.
وكشفت قيادة شرطة ذي قار في ( الرابع من تشرين الثاني 2020 ) عن ارتفاع معدلات الانتحار في المحافظة بواقع 25 بالمئة ، مشيرة الى ان العنف الاسري والعوامل الاقتصادية والضغوط المجتمعية على الفتيات واجبارهن على الزواج المبكر من شخص لا يرغبن به من ابرز الاسباب التي تدفع النساء الى الانتحار ، فيما عزت مفوضية حقوق الانسان في ذي قار اسباب الانتحار الى دوافع نفسية واقتصادية وتفكك اسري وتعاطي مخدرات.
ومن جانبها قال الناشطة النسوية شذى القيسي للمدى ان» المرأة واجهت جملة من التحديات بعد عام 2003 نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها البلد وتنامي الدور السلبي لبعض شيوخ العشائر ورجال الدين والتي تصب معظمها في تحجيم دور النساء في المجتمع»، لافتة الى ان « دور الإسلام السياسي في تهميش دور المرأة خلق شريحة من النساء المطيعات لأجنداتهم ولاسيما في البرلمان».
واوضحت القيسي ان « مجرد الحصول على وظيفة او منصب بات يمر بسلسلة طويلة من المراجعات والمساومات التي يصعب التطرق لها «، داعية المرأة الى ان « تكون صلبة في مواجهة الظروف القاسية والسلبيات التي تفرض عليها».
وشددت الناشطة المدنية على ضرورة « تبنى استراتيجية وطنية للنهوض بدور المرأة السياسي والثقافي والاقتصادي وتنمية قدراتها وفسح المجال للانطلاق بعيدا عن الهيمنة السياسية والمجتمعية والوصاية العشائرية».
وكشف المشاركون في ندوة دور المرأة في القطاع الخاص التي نظمها مركز تمكين للمشاركة والمساواة منتصف كانون الثاني 2021 عن تراجع دور المرأة في سوق العمل الى 28 بالمئة، وفيما أشاروا الى نجاح العديد من التجارب النسائية في مجال إدارة الأعمال والمشاريع الخاصة رغم التحديات الاقتصادية والمجتمعية التي تواجه المرأة في النشاط الاقتصادي، دعوا الى تبني برامج اقتصادية ومجتمعية لدعمها وتوسيع مشاركتها في هذا المجال.