طالب عبد العزيز
سعادتي بالكتب، وحصولي على كتاب جديد، أحببته لا تقربها إلا سعادتي بالحصول على مبلغ كبير من المال، وقد أفرّط بالمال في هذه وتلك، لكنني، لا أفرّط باقتناء ما أحببتُ من الكتب، فأنا مازلت أحتفظ ببعض ما اشتريت منها منذ السبعينيات، يوم كان الكتاب يباع بدرهم، قرب عمارة النقيب، بسوق حنا الشيخ الجديد.
ولعل كتاب سمير الحاج شاهين(رامبو) الصادر عن سلسلة اعلام الفكر، واحداً منها. وأذكر أنني فجعت بفقدي رواية (الأحمر والأسود) لستاندال، أكثر مما فجعت بما سرق مني من مال وثياب، في حادثة السرقة التي تعرضت لها في القطار الصاعد الى بغداد، في تسعينيات القرن الماضي.
وخلال أكثر من أربعين سنة من سعادتي تلك، فقدت فيها كتباً كثيرة، أهملت وجود بعضها في الأرفف، وأعرتُ بعضها لأصدقاء لم يكونوا أمناء عليها، وهكذا، نشأت بيني وبين الكتاب علاقة حب وشغف ما زلت قميناً بها، حتى أنني، أستعيد في أحلامي مكتباتٍ، لم تعد قائمة اليوم، مثل مكتبة المنار، التي كانت في الفرع الضيّق لسوق الهنود، قبالة عيادة طبيب الجلدية الأشهر محمد الحمداني، فلطالما وجدتني أدخلها حالماً، متصفحاً كتبها، وأنا غرُّ لم أبلغ العشرين بعد.
لا أريد لعلاقتي مع الكتاب أن تبدو استثنائية، فهي تشبه مجمل علاقات الأدباء، في القراءة والتطلع للجديد والنادر من الكتب، التي أحببناها، لكنني، بحاجة الى الكشف عن الجانب الآخر مع العلاقة، فنحن نعاني في مكتباتنا من هول الكتب السيئة، التي اقتنيناها وأخفقنا في تقدير أهميتها، أوالتي أهديت لنا ولم تكن بذات الأهمية، لكنها، ما زالت تحجز أرفف مكتباتنا. شخصياً، أبحث عن حلٍّ لمئات الكتب التافهة، والسخيفة، التي لا معنى لأحتفاظي بها، فما في العمر بقية لمراجعة مثل هذه، وما في المكتبة متسع لها، هناك اسراف لدى البعض في التصرف بالمكان والزمان. أعترف بأنني، اشتريت كتباً بمئات الآلاف من الدنانير، لكنها لا تساوي اليوم شيئاً عندي، بل هي العبء عينه.
سرّني قولُ ناقد كبير:” بأنه، كان قد حمل كتابي الاول، مع ما حمل في سفره، خارج العراق، بتسعينيات القرن الماضي” مثلما يسرّني بحثي الدائب عن كتيب صغير فيه تخطيطات غاية في الجمال، للفنان والشاعر رمسيس يونان، فقدته قبل ثلاثين سنة، حتى أنني نسيت عنوانه، كان الكتيب هذا واحداً من خساراتي الكبيرة، فقد كان رمسيس يونان يدون ويرسم حركات الفنانة فينسيا ردجريف، وهي ترقص على مسرح البولشوي، خطوط بقلم الروترنغ، ووقائع ما زالت تراودني بأحلامي أيضاً. هل أقول شيئاً عن نفسي، وقد ذهبت حرّى بفقدي لكتاب(فنُّ الهوى) لأوفيد، بترجمة عزيز أباظة، الموشى بلوحات من أجمل متاحف العالم.
كان الشاعران عبد الخالق محمود ومجيد الموسوي(رحمها الله) لا يتباريان بعدد الكتب النادرة، التي بحوزة كل منهما حسب، إنما بما يقتنيان من أقدم وأندر النسخ والطبعات.