بغداد/ محمد صباح
دفع الضغط الذي يتعرض له مجلس النواب من منظمات المجتمع المدني وعدم اتفاق جميع اعضائه، إلى استبعاد مشروع قانون المحكمة الاتحادية الذي صوت على أغلب فقراته في جلسات سابقة. وقدم مجلس النواب في جلسة بقيت مستمرة الى فجر يوم أمس، مشروع قانون ثان للمحكمة الاتحادية تقدمت به رئاسة الجمهورية، ورغم التصويت على جميع الفقرات منفردة، لكنه لم يصوت على القانون بالمجمل.
وكان من المؤمل ان يعقد اجتماع سياسي يوم امس للاتفاق على تمرير أحد المشروعين، إلا ان الخلافات حالت دون عقد الاجتماع حتى ساعة كتابة التقرير.
ويحدث المشروع الأول تغييرات جوهرية في قانون المحكمة الاتحادية ويضفي أدوارا أكبر لفقهاء الشريعة وهو أمر اختلفت عليه الكتل، في حين يكتفي الثاني بمعالجة المادة المعنية باختيار القضاة التي سبق ان طعنت بها المحكمة الاتحادية ومن ثم تسببت بتجميدها.
وتنص المادة 92/ أولاً من الدستور على ان:- المحكمة الاتحادية العليا هيئةٌ قضائيةٌ مستقلة مالياً وإدارياً. وثانياً:- تتكون المحكمة الاتحادية العليا، من عددٍ من القضاة، وخبراء في الفقه الإسلامي، وفقهاء القانون، يُحدد عددهم، وتنظم طريقة اختيارهم، وعمل المحكمة، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.
ويقول المراقبون ان ذكر أسماء الفقهاء في الفقرة ثانيا التي تحدثت عن تكوينة الخبراء لا يعني ان لهم حق التصويت، بل هم جزء من كيان المحكمة كالموظفين وغيرهم. ويقول النائب يونادم كنا، رئيس كتلة الرافدين البرلمانية في تصريح لـ(المدى) إن "كسر نصاب الجلسة لأكثر من مرة والمخاوف التي أبدتها كتل برلمانية مختلفة بشأن منح فقهاء الشريعة حق الفيتو، هي من دفعت هيئة رئاسة البرلمان بالتريث في تمرير قانون المحكمة الاتحادية الأول الذي ارسلته الحكومة".
ويضيف كنا أنه "بسبب هذه الإشكالية عرضت رئاسة البرلمان قانون التعديل الأول لقانون الأمر رقم 30 لسنة 2005 المعني بالمحكمة الاتحادية العليا المرسل من قبل رئاسة الجمهورية على التصويت". ويقترح مشروع رئاسة الجمهورية إجراء تعديل على المادة المعنية باختيار الأعضاء البدلاء في قانون المحكمة الاتحادية رقم (30) لسنة 2005، لتصبح بالتعاون بين المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى، وبالتنسيق مع مجلس قضاء إقليم كردستان. كما يركز المشروع المقدم من رئاسة الجمهورية، على كيفية سد الشاغل الحاصل في صفوف المحكمة، وتنظيم آلية الترشيح وتحديد أعمار القضاة.
ويبين رئيس كتلة الرافدين البرلمانية أن "التعديل الجديد يدور بشأن معالجة المادة الثالثة في قانون رقم 30 لسنة 2005 التي تم إلغاؤها أو الطعن بها من قبل المحكمة الاتحادية"، مبينا أن "مجلس النواب أكمل التصويت على جميع مواد القانون باستثناء التصويت على القانون بالمجمل مما أدى إلى تأجيل الحسم إلى جلسات قريبة".
وقضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية المادة (3) من قانونها رقم (30) لسنة 2005 التي تخول مجلس القضاء صلاحية ترشيح رئيس وأعضاء المحكمة، مطالبة مجلس النواب بتشريع مادة بديلة تتفق مع أحكام الدستور.
وشكل طعن المحكمة الاتحادية بهذه المادة نقطة تحول في العلاقة بينها وبين مجلس القضاء الأعلى الذي طالب مجلس النواب في شهر تموز من العام الماضي بضرورة الإسراع في انجاز مشروع قانون المحكمة الاتحادية وتمريره لتجاوز هذه المشكلة الدستورية التي وقعت بها السلطة القضائية.
ويشير كنا إلى ان "ممثلي المكونات مازالوا متخوفين من امكانية عودة مجلس النواب والكتل السياسية إلى المضي بالتصويت على قانون الحكومة الذي يقترح منح فقهاء الشريعة حق الفيتو على أي قرار يصدر من قبل المحكمة الاتحادية".
ويبين النائب المسيحي ان "الوضع القانوني للمحكمة سيبقى كما هو الحال على القانون النافذ لو اعتمد التعديل الجديد"، مضيفا أن "التعديل الجديد يلزم إحالة أعضاء المحكمة الاتحادية الحاليين مع الرئيس ونائبه على التقاعد".
من جهته، يؤكد النائب صائب خدر، عضو اللجنة القانونية النيابية ان "الخلافات على المشروع الحكومي تطال ثلاث مواد، وبالتالي ارتأى المجلس الدفع بمشروع قانونٍ ثانٍ". واختصاصات المحكمة الاتحادية التي رسمها الدستور في مادته (93) هي:
أولاً:- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة.
ثانياً:- تفسير نصوص الدستور.
ثالثاً:- الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، والقرارات والأنظمة والتعليمات، والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء، وذوي الشأن، من الأفراد وغيرهم، حق الطعن المباشر لدى المحكمة.
رابعاً:- الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية.
خامساً:- الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات.
سادساً:- الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
سابعاً:- المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب. ويضيف خدر في تصريح لـ(المدى) أن "المجلس أمامه قانونان شبه كاملين الأول المشروع الحكومي الذي فيه ثلاث مواد خلافية، والثاني مشروع تعديل المحكمة المرسل من قبل رئاسة الجمهورية"، لافتا إلى أن "المفاضلة بين القانونين متروك للمفاوضات القائمة بين الكتل والمكونات".
ويؤكد النائب خدر أن "المشروع الثاني سيبقي المحكمة الاتحادية من حيث آلية التصويت واتخاذ القرارات والتشكيل على القانون النافذ من دون إجراء أي تغيير".










