عمـار سـاطع
بعيداً عن الظواهر التي تتكرر في كل موسم من منافسات دورينا الكروي، من تغييرات المدربين بين إقالة واستقالة أو تدوير الأجهزة الفنية بين فرق الأندية وبين تلك الأخطاء التحكيمية التي تؤثر أو تتدخل في نتائج المواجهات، أو غيرها من أحداث تزيد من حلاوة اللقاءات خاصة تلك الجماهيرية التي تحظى باهتمام بالغ، فإن الظاهرة (العنكوشية) كانت قد أخذت حيّزاً كبيراً من الولع أو الإطراء أو حتى الانتقاد من قبل المتابعين والمهتمين بعالم كرتنا!
وحتى نتعرّف على حسين العنكوشي، أكثر، فأن علينا أن نَذكر ذلك الهَوَس الذي دفع هذا الشاب الى الدخول في عالم الرياضة وتحديداً حبهُ للمستديرة، وهو ما جعله يصبح بين ليلة وضحاها، داعماً وليس مستثمراً لنادٍ لديه تاريخاً وعُمقاً كبيراً في منطقة الفرات الأوسط، وهو نادي الديوانية، الذي شكل علامة فارقة هذا الموسم، بعد أن أصبح مهتماً بقضية الاحتراف المُقنّع، غير الجاد أصلاً!
وأكثر من ذلك.. فإن العنكوشي نجح تماماً في تحقيق غاياته أو أطماعه في جعل الأنظار تتجه صوب نادي محافظته، بل وتمكن من التسلق صوب عالم السوشيال ميديا ليكون أشهر مما كان عليه حاله في غضون أشهر قليلة، مثلما استطاع من رسم صورة مُشعة قادرة على كسب ودّ المشجعين بأسلوب ذكي، لكنه اعطى مؤشرات إيجابية لما ينويه في الدخول بعالم السياسة عبر منفذٍ سهلٍ وبسيط وهو دعم نادٍ رياضي، يُعد متنفساً لمدينة مهمة!
وبرغم ما قد يذهب إليه الكثيرين من توجسٍ أو تخوفٍ من مستقبل الفريق الأحمر، جراء خوض العنكوشي بأمور وتفاصيل، كان يمكنهُ أن يتداركها أو يتجاوزها بسلاسة وبساطة، إلا أنه أوصل ناديه الى موقع متأخر في تسلسل فرق الدوري الكروي الممتاز حتى ختام الجولة 24 من عُمر المسابقة، بعد أن كانت سمعته الفنية قد سبقته في إمكانية تحقيق نتائج مُثمرة، على الأقل هذا الموسم، إلا أن ذلك تبدد وتَبَخَرَ على عجالة توازناً مع القرارات المتخبطة والمتسرعة وغير المدروسة التي اُقِرت من قِبَلِهِ والتي أثرت على الفريق!
وحتى نعطي لكل ذي حق حقه، فأن إيجابيات كثيرة خطفها العنكوشي، فهو أسس الطريقة الأمثل في لفت الأنظار والأضواء معاً، كيف لا ومنشورات الرجل في صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مادة دسمة، بل إن تصريحاته أصبحت حديث الوسط الرياضي، برغم عدم احتوائها على النص الثري والقيمة الحقيقية وفشلها في إقناع قرّاءها، وحتى ضُعفها من حيث المادة التي يُفترض أن ترتبط باسمه حيث محاولاته صوب الاحتراف الرياضي لنادٍ غابت عنه ملامح الاحترافية تماماً!
تخيّلوا أيها الأكارم.. أن العنكوشي، ولأنه كان يرغب بأن يُنافس فرقاً ومدفوعاً بما يملكهُ من أموال، كان يبغي من مشاركة الديوانية، الفريق الكروي، أن يتفوّق على كل الفرق، بل أن طموحاته دفعته باتجاه خارج حدود المنطق، وربما حتى صوب أهداف أعلى من قدرات فريقه، فكان هو السبب الذي جعل الفريق بعيداً عن الاستقرار الفني، مثلما كان سبباً أيضاً في تخريب الحالة النفسية للاعبيه، نتيجة اتباعه مبدأ “المال يأتي بكل شيء”، أجل.. هكذا رسم العنكوشي في مخيلته ذلك!
اعتقد أن العنكوشي نفسهُ يتحمّل وزرَ الأخطاء التي تسببت في أن يكون الديوانية بالمركز الـ 15، وهو مركز ربما يصيب العنكوشي بالهستيريا، كُلما شاهدت عيناه جدول ترتيب الفرق، وقد يندبُ حظّه العاثِر لما وصلَ اليه فريقه، مع أنه كان يشحن هِمَم ويُكسر مجاديف اللاعبين، ويدعمهم بطريقة الشهرة من جهة، ويجعلهم عاجزين عن مجاراة فريق أقل منه ومن إمكانيته من جهة أخرى، وكانت النتائج السلبية واقع حال لفريق، تسرّع العنكوشي بتشكيله تارة، ويفتقر للصبر تارة أخرى، مع أنها كانت علاجاً لنتائج كادت أن تدفعهُ لموقعٍ أفضل!
العنكوشي الذي أتحدّث عنه.. تعامل بحالات بعيدة كل البُعد عن الاحتراف الذي تأثر به سلباً ولم يؤثر فيه إيجاباً، لأنه دفع فريقه للدخول في معتركات ومهاترات كان في غنى عنها، بل إنه تسبّب في إيجاد مناهضين له، بعد أن تعمد بلغته ومفهومه المتواضع ان يَزُجَ الديوانية بمواجهات بعيدة عن الروح الرياضية، مثلما لم يستقر على جهازٍ فنيٍ بِعِيِنِه، لأن طموحاته وأحلامه سرقته من واقعهِ، هذا فضلاً عن كسره أرقاماً قياسية من حيث أعداد المدربين الذين استبدلهم أو دفعهم للاستقالة، وأبدل 17 لاعباً في الميركاتو، وكان المتسبّب أيضاً فيما حصل من أحداث قبل مواجهة فريقه الشرطة بملعب الشعب ودافعاً للمحترفين الى تقديم شكوى ضده لدى FIFA بسبب عدم حمايتهم أمنياً!
وهنا أتساءل ..الى أين يريد أن يصل العنكوشي من كل ذلك؟ وما غايته وماذا يريد أن يصبح؟