اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > غربال الذاكرة: ممدوح عدوان

غربال الذاكرة: ممدوح عدوان

نشر في: 21 مايو, 2010: 04:26 م

فيصل الياسريعاش ممدوح عدوان 63 عاما في نشاط فكري وإبداعي لا يكل ولا يهادن حتى مع نفسه .. وبجرأة عجيبة كان يتحدى معوقات الكتابة ابتداء من المحاذير السياسية والممنوعات والمحرمات .. الى صراعه مع المرض الخبيث الذي لازمه في سنواته الاخيرة ..
ولم يفقده مرحه وخفة ظله والمودة النقية التي يكنها دائما للآخرين وحبه للإبداع والاتقان الفني وفرحه الطفولي بكل شيء جميل وضحكة الصاخب !!في آخر مرة اتصلت به ، ما ان نطقت بأول كلمتين في الهاتف سائلا عنه حتى جاءني صوته الودود ناطقا باسمي ، وقد تعرف على صوتي بالرغم من انني لم اتصل به منذ سنوات .. فعبرت له عن سروري ودهشتي لذلك فقال ( صحيح ان المرض اثر على ذاكرتي .. ولكنني لا انسى تلك الامور المنقوشة في اعماق الوعي واللاوعي .اين انت يا رجل ؟) وأراد ممدوح عدوان ان يعرف عني كل شيء في تلك المكالمة .. وفاجأني بسؤال غريب ( فيصل هل انت زعلان مني ؟) ولم اتذكر ان هنالك سببا يدعوني للزعل من ممدوح عدوان وعندما سالته عن سبب اعتقاده بانني زعلان منه , قال ( قبل سنوات قمت باجراء تعديلات على مسلسل انت كاتبه دون ان اسالك او اطلب موافقتك ) كان ممدوح عدوان يقصد مسلسل ( بام عيني) الذي كتبته للتفزيون بناء على طلب من منظمة التحرير عن مذكرات المحامية اليهودية فليسا لانغر ، وارادوا لاسباب انتاجية اجراء تعديلات على السيناريوهات فكلفوا بها ممدوح عدوان وتم تصوير المسلسل في ابو ظبي !! ضحكت من تذكر ممدوح لذلك الموضوع القديم ، ولكنه نسى اعتذاره عنه قبل خمس وعشرين سنة ، وقلت له ( سآتي لزيارتك الان .. فقد دلوني على مسكنك في المزه .. )قال ممدوح ( لن تأتي الان .. سأغادر في هذه اللحظة الى بيروت .. عندي هناك جلسات علاجية دورية ضد المرض الخبيث .. تعال بعد الغد .. سأنتظرك ... ياه .. مشتاقين يا رجال .. والله زمان ... اتذكر مغامرتنا في مسرحية كيف تركت السيف ..!! تعال ونحكي ..انا بحاجة الى احاديث مفرحة .. )لم استطع زيارة ممدوح عدوان في الموعد المتفق عليه فقد قامت حرب 2003 على العراق وانشغلنا بتفاصيلها ومتابعة شؤون الوطن ، وعندما عدت بعد زمن الى دمشق كان ممدوح عدوان المبدع الدؤوب بتميز واصالة وعمق في كافة فنون الكتابة من الشعر الى الرواية والمسرح والمقالة والدراما التلفزيونية والترجمة... قد غادرها الى الدار الاخرة ! وهكذا لم نستطع ان نتذكر معا مغامرتنا في مسرحية كيف تركت السيف كما اراد في حديثنا الهاتفي الاخير ، وعليه ساتذكرها هنا وحدي .كان ذلك عام 1974 عندما جاءني ممدوح عدوان على غير موعد – كعادته- حاملا معه حزمة اوراق وضعها امامي طالبا مني ان اقرأها فورا !! وجلسنا نقرأ معا .. كانت الصياغة الاولى لمسرحيته ( كيف تركت السيف ) .. ولم تكن طويلة ، وكانت مثل مسرحيات ممدوح عدوان في تلك الفترة خليط من الشعر والنثر ، ساعد على ذلك كون المسرحية تقوم على حالة افتراضية وهي مجيء ابي ذر الغفاري الى عصرنا ، ودخوله في جدل ومناقشة حول مواقفه من خلال مقابلة تلفزيونية يستفزه فيها المذيع ليقول رأيه فيما صار عليه الاسلام عندما حاول البعض تغليب مصالحهم المادية على مصلحة الدين الجديد الذي لاذ به الفقراء بحثا عن العدالة والحرية !! وتدين المسرحية بشكل واضح نمو طبقات طفيلية تسلقت قمة الهرم الاجتماعي بفضل انتهازيتها.قلت له ( كانك تتحدث عن الوضع الحالي وتشابك المصالح السياسية والاقتصادية )قال ( لا نستطيع ان نتحدث عن هذه الايام فنلوذ بالتاريخ بالانابة .. ) قلت ( وماذا تريد ان تقول من وراء هذا النص المسرحي ؟)قال ( انني احرض على عدم نسيان المبادئ الحميدة ... وادافع عن الإنسان المضطهد وحقه في الوجود والعيش الكريم وادين السكوت عن الظلم والاجحاف .)كان ممدوح عدوان في مسرحية ( كيف تركت السيف ) كما في مسرحية «ليل العبيد» قد وضع الاحداث في فترة صدر التاريخ الإسلامي ليستشف من خلالها كيف تعيد الطبقات الاجتماعية الثرية البنية السياسية في المجتمع بما ينسجم مع ديمومة مصالحها الاقتصادية والقبيلة ، وكان لجوء ممدوح إلى التاريخ والاستعانة به محاولة منه للإجابة عن بعض ما كان قد أنتجه واقع مجتمعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي .قلت له ( ارى في عنوان مسرحيتك نوعا من العتاب .. كيف تركت السيف !!)قال ( .. ليس عتاب فقط ، بل انه صرخة الم ..العتاب على «أبي ذر» .. الم تر انني اكرر عليه في المسرحية مقولة «تعيش وحدك، وتقاتل وحدك، وتموت وحدك»، بدلا من التوجه إلى الناس كي يقاتل بهم بغية رد الاعتبار إليهم.) وسالته ما المطلوب مني بعد قراءة النص ..قال انه يريد مني ان اقوم باخراج العمل للمسرح خاصة وان اللعبة الفنية فيه تحتاج الى خيال جرئ يعرف استخدام الصورة فالفكرة تعتمد على فرضية مجئ ابي ذر الغفاري الى عصرنا واجراء لقاء تلفزيوني معه !! لم يكن طلبه سهل التحقيق من عدة جوانت ، فمن الجانب الاجرائي كان النص جرئيا واستفزازيا من الناحية الرقابية الامنية والسياسية ومن ناحية القيود الدينية ، كما انه بحاجة الى جهة تتبني العرض المسرحي اذ ان القانون في سوريا لا يسمح بتقديم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram