TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: أجمل رسالة حب

موسيقى الاحد: أجمل رسالة حب

نشر في: 20 مارس, 2021: 09:35 م

ثائر صالح

يجمع النقاد ومحبو الموسيقى على اعتبار ما سطّره غوستاف مالر (1860 – 1911) في الحركة الرابعة لسيمفونيته الخامسة هي أجمل رسالة حب كتبت في تاريخ الموسيقى.

كتب مالر هذه الحركة المعروفة بالـ «آداجيتّو» لزوجته الحسناء آلما «شندلر» (1879 – 1964) في بداية تعارفهما وزواجهما، في سنة 1901 – 1902.

كانت آلما ابنة رسام مناطر طبيعية نمساوي معروف هو أميل ياكوب شندلر، وكانت شغوفة بالفنون بتأثير الحلقة المحيطة بأبيها وتعرفت على الكثير من الفنانين الكبار في سنواتها الأولى، ودرست البيانو والتأليف عند مدرس خصوصي. تزوجت أمها الفنان كارل مول بعد وفاة الأب، فتعرفت على المزيد من الفنانين منهم غوستاف كليمت (1862 – 1918) الذي وقع في حبها دون أن تتطور علاقة بينهما فبقيا صديقين حتى وفاة كليمت. درست لفترة عند الموسيقي المرموق الكساندر فون زملينسكي في خريف 1900، فتطورت بينهما علاقة حميمة، لكنها سرعان ما تركته لترتبط بغوستاف مالر الذي تعرفت عليه في خريف 1901، فد أعلنا خطوبتهما في شتاء العام نفسه. تزوج مالر آلما في ربيع 1902 وكان وقتها مدير دار الأوبرا الشهيرة في فيينا في أوج شهرته كمؤلف موسيقي وقائد أوركسترا من الطراز الأول.

ربما كان هذا الآداجيَتّو أحد أشهر القطع الموسيقية التي ألفها عملاق السيمفونية مالر وأكثرها تقديماً اليوم، فقد انتبه اليها الناس فوراً وقدمت بمفردها (حتى مالر اقتطعها من السيفمونية وقدمها لوحدها)، ثم أصبحت الآن إحدى المقطوعات المفضلة بسبب فيلم في السينما من إخراج فيسكونتي (موت في فينيسيا، 1971). والسيمفونية الخامسة ذاتها تعد واحدة من أهم وأفضل أعماله، لكنها لم تحصل السيمفونية في العرض الأول في 18 تشرين الثاني 1904 في كولونيا على استحسان الجمهور الذي لم يفهم عمقها الدرامي وعنفوانها، وأضجره طولها وأرتاع من ضخامة الاوركسترا التي استعملها مالر وكذلك بسبب التبدلات الكبيرة في ديناميكية الصوت، وهذه كلها من العناصر التي أدخلها مالر في الفن السيمفوني. وينعكس هذا الأمر بشكل جلي عبر تقديم قسم الآداجيتو لوحده في لندن سنة 1909 للمرة الأولى من قبل سير هنري وود (ذكرته قبل أسبوعين في كتابتي عن الموسيقيات، وقبل فترة عن مهرجان برومز اللندني الشهير)، وتأخر تقديم السيمفونية الخامسة كاملة حتى سنة 1945.

كلمة آداجيَتّو إيطالية هي تصغير لكلمة آداجيو التي تعني ببطء، دلالة على سرعة الإداء، وبحسب إرشادات مالر بالألمانية بطيء جداً. وهنا اختلف قادة الأوركسترا في مقدار هذا البطء، فمالر نفسه قاد القطعة في سبع دقائق، بينما قدمها آخرون أكثر بطئاً، امتد تقديمها عند أحدهم لأكثر من خمس عشرة دقيقة. لم يستعمل مالر سوى الوتريات وأداة الهارب في هذه الحركة التي تتميز برقتها وعذوبتها، فهي تأتي من الصمت كأنها خارج الزمان، تدخل الوتريات بنعومة خافتة متواصلة مع نقرات الهارب مع غموض في ماهية الإيقاع وحتى السلم لنصل الى أساس السلم فا الكبير مما يعطي الشعور بالارتياح بعد البداية الغامضة، ثم تنتهي الحركة بخفوت متلاشية في الصمت من جديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram