إياد الصالحي
لا يُمكن للبشرية أن تُكيّفَ أقدارها وفقاً لرغباتها وحوائجها المعيشية، فالقدر دائماً ما يبعَثُ لهم بأبناء زمنهم كمُصلحين أو منقذين، وربّما يكونوا عِبئاً عليهم ولن تستقيم الأمور معهم الى ما لا نهاية حتى تأتي الأقدار بالبدائل!
وفي الرياضة، كبقية شؤون الحياة العراقية التي أختلط الصالحين والطالحين بين جنباتها، دفعت الأقدار بأشخاص غير مألوفي الاطباع كسلوك إداري في النادي والاتحاد أو فكر متجدّد في المؤسسة الأولمبية، لكنهم تمكّنوا في وقت قصير أن يحتلّوا المقاعد الأمامية في تجمّعات نخبوية لكبار مشاهير الرياضية، وأمام كاميرات التلفزة كمحللي أزمات وباحثين عن حلول مؤقتة، وكشفوا للصحافة خفايا الصراع على المواقع، وإذا بهم بعد فترة يسقطون في الكمائن المعدّة لاحتلال المواقع نفسها وإن برّروا الأهداف وحصّنوا الدوافع!
لم يدر بخلد أهل الرياضة أنَّ كَرَمَ صباح حسن الكناني بإهدائهِ مفتاحي سيارتين لفاطمة سعد بطلة القوس والسهم ولمحمد الأسدي بطل بناء الأجسام لمناسبة تفوّقهما الدولي، سيكون مناسبة قدرية لتسلّمه مفتاح دخول بوابة مشاهير الرياضة برغم تصريحه وقتها أن عمله كرجل أعمال يحمل الجنسية العراقية فقط ولديه إقامة استثمارية في البرتغال يدفعهُ لتكريم أصحاب الإنجازات بعدما أهملت مؤسسات الدولة رعايتهم والاهتمام بتحفيزهم معنوياً.
كان ذلك في 14 كانون الأول عام 2018، على هامش حضور صباح الكناني مباراة فريقي الكرخ والنفط ضمن دوري كرة السلة، وقبلها لم يكن أحد يعرف شيئاً عنه، في الرياضة على الأقل، فخلال مدة قصيرة، وضع يده بقوة على ملفات الفساد في عموم مفاصل الرياضة وخارجها، بعدما تماهى مع سياسة الإصلاح وفكَّ طُلاسم معارضة وزارة أحمد رياض لأولمبية رعد حمودي (كمؤسّسة وليس الاشخاص) واستفاد من تساؤل الخبير الرياضي د.باسل عبدالمهدي له عقب انتهاء تجمّع تشاوري في فندق بابل (كيف تمضي بملف ترشيحك الى انتخابات تفتقد الغطاء القانون)؟ فتحوّل من مرشّح لانتخابات المكتب التنفيذي شباط 2019 (أي بعد ستين يوماً من ظهوره الأول في الرياضة) الى معارض شديد للتنفيذي ذاته، وصرّح للمدى (أن موضوع الانتخابات عبارة عن نصب واحتيال بعدما تعرّضت لغشاوَة تنظيم أكثر من 40 انتخاباً بحضور ممثل اللجنة الأولمبية الوطنية وحتى بعض ممثلي الاتحادات الدولية تمهيداً لإقامة انتخابات 15و16 شباط 2019 الخاصة بالتنفيذي، كل ذلك جرى من دون قانون جديد أو محدَّثْ، وهو يخالف مبادئي التي أرسّخها في حملتي لبناء دولة رصينة ونظام أولمبي لا يشوبه التزوير أو الضعف أو سوء النتائج، ولهذا أعلنتُ انسحابي ببيان رسمي) .
وخلال سنتين من العمل الجدي في أروقة الرياضة والطروحات القيّمة لما ينتظرها من حلول، كان أداء وحضور صباح الكناني محط اهتمام المتابعين لمصير المُماحكات بين المتشبّثين بالمناصب وبين الساعين لتغييرهم، وزاد من قوّة شعبية الكناني أنه ترأس مؤسسة تُعنى بالإصلاح لتشمل كل قطّاعات الدولة، وأثمرت تحرّكاته لإظهار الفساد في ملفات وزارة التربية وهيئة التقاعد الوطنية وغيرهما من الدوائر الى اتخاذ هيئة النزاهة ومجلس القضاء إجراءات قانونية بحقّ المقصّرين، ومازال الكناني يواصل مهمّته في جرّ العابثين بالمال العام إلى المحاكم لينالوا الجزاء العادل.
حماسة وشجاعة كاللتين يتحلا بهما صباح الكناني، في بلد نخرته أرضة الفساد تحتّم عليه أن لا يتكبّل بمسؤوليات مثل المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية المؤمّل انتخابه في 26 آذار الجاري، سيّما أن أولى معالِم خروجهِ عن خطّه الاصلاحي المُلتزم هو تحدّثهِ قبل أيام عن دعم فلان وإقصاء علاّن قُبيل بدء الاقتراع، وانهماكه برسم خارطة لهيكلية أولمبية يعلم جيداً أنها لن تغيّر شيئاً في الواقع، طالما الشخوص أنفسهم عاشوا زمناً طويلاً واستمدّوا شرعياتهم من انتخابات (النصب والاحتيال) ثم خانوا القرآن والعهد والشرف كما قال!
صراحة، أدخلتنا تصريحاتك في ضبابية كبيرة، كيف تدّعي الاصلاح ومشاعرك في تقييم مواقف الآخرين لم تزل حبيسة علاقات (الملح والزاد) وليست مصلحة رياضة وطن مثلما انسحبتَ بعد فوزك في 14 انتخابات تشرين الثاني 2020 بذريعة خسارة رعد حمودي كونه يرأس قائمتك، واليوم تعلن أنه خارج حساباتك لأنك لم تجد إشارة لأسمك ضمن حملته الانتخابية؟ ثم أليس من دواعي الإصلاح الحقيقي تحت غطاء الديمقراطية المزعومة أن تلزم وجميع المرشّحين الصمت ما بعد تقديمكم استمارات الترشيح للجنة أكرم نعيم عطوان حتى موعد إجراء الانتخابات؟!
صباح الكناني، إكراماً لدورك الوطني المنفرِد والمُقدّر من عموم العراقيين الذين نتابع تعليقاتهم في منصّات التواصل الاجتماعي وهم يتحدّثون بإيجابية عنك، أدعوك لتعلن انسحابك من (مهزلة الانتخابات) وتمسَّكْ بسلاح الإصلاح في خطوط المعركة الشرسة ضد خنادق سرّاق الفقراء في عموم مُدن العراق وليس ساحة الرياضة وحدها، فالرِهان على مُغامراتك كضارب أول لأوكار الفاسدين في حكومة مصطفى الكاظمي خيرُ لكَ من نائب ثالث يتربّع فوق تلِّ من خراب الرياضة التي حنث رموزها في حلفهم بكتاب الله أن يحافظوا على المال وانقلبوا غير مرّة على ميثاق الشرف الأولمبي!