TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بإختصار ديمقراطي: مصيبة بروتوكول الدوري!

بإختصار ديمقراطي: مصيبة بروتوكول الدوري!

نشر في: 21 مارس, 2021: 09:54 م

 رعد العراقي

لم تكن إجراءات الوقاية من وباء كورونا التي اتخذتها وفرضتها دول العالم عبر بروتوكولات طبية، إلا ضوابط ملزمة تستهدف الحفاظ على سلامة الإنسان وتحدّ من انتشار الوباء القاتل، وبالتالي فإن الإخلال والتهاون بتطبيق تلك الإجراءات إنما هو مجازفة واستهتار يصل لحد الجريمة الموجّهة التي تستهدف المجتمع ولا تتوقّف حدود ضررها لشخصٍ معيّن.

عندما منحت اللجنة العليا للصحّة والسلامة الوطنية الضوء الأخضر لعودة النشاطات الرياضية ومن ضمنها دوري النخبة الكروي فإن الهيئة التطبيعية باتت هي الجهة الرسمية المسؤولة قانوناً لضبط إجراءات السلامة ومحاسبة المخالفين من خلال تشكيل فرق المتابعة بشكل مستمر، والتأكد من تنفيذ البروتوكول الطبّي الذي أصدرته لجنة المسابقات وإن أي خرق يتبعه ضرر سواء بإصابة اللاعبين أو تشخيص إصابات الجماهير فإن على إدارات الأندية والهيئة التطبيعية تحمّل كل النتائج السلبية على قدر جسامتها.

المسألة لا تخضع للمجاملة أو تمضي بإجراءات شكلية عبثية طالما هي تتعلّق بأرواح البشر وكارثة قد تصيب مجتمع بأكمله كما إن مفهوم التجمّعات وخطورتها لا ترتبط بالمباريات الرسمية فقط، وإنما تنسحب لأي تجمّع يتعلّق بالنشاط الرياضي الذي لابدّ أن تطبّق عليها ذات الإجراءات الوقائية، بل إن المنطق يحتّم أن يبدأ المسح الصحّي الصارِم من تدريبات الأندية ويتوّج بالمباريات الرسمية .

خرق صحّي فاضح شهدته النشاطات الرياضية دون أن تتوقف عندها الهيئة التطبيعية وتفرض سطوتها بإجراءات رادعة تدلّل على حرصها على السلامة العامة قبل سعيها الى نشر تصريحات وصور تنقل حالة مثالية في تطبيق البروتوكول الصحّي خلافاً لحقيقة ما يجري على أرض الواقع الذي يشهد فوضى وانفلات غير مسبوق لحالات اختلاط لأعداد كبيرة من الجماهير يقابلها ضعف رقابي وفحص روتيني بدائي للاعبين والكوادر التدريبية!

مشهدان لا يقبلان التأويل والتبرير يعزّزان ما ذهبنا اليه بالدليل القاطع أن كل ما نقوم به من إجراءات صحّية شكلية هو (خوف) من عقوبة دولية قد تطال كرة القدم وتوقِف مسابقة الدوري وليس حرصاً وشعوراً بالمسؤولية تجاه سلامة المجتمع وإدراكٍ عالٍ لحقيقة خطورة الوباء، الأول هو تصريح لأحد مدربي الأندية الذي ثبت إصابته بفايروس كورونا واعترافه بحضوره وقيادته لمباراة فريقه (بعد لبس الكمامة) إيثاراً منه للنادي وسمعته!! وهنا يبرز التساؤل :هل أن التعليمات تجيز مزاجية ورغبة المصاب بالفايروس بالحضور الى المباريات وتعريض الآخرين للخطر؟ وكيف سمح القائمون على تطبيق إجراءات الفحص بتواجد المدرب المذكور إلا إذا كانت عملية الفحص روتينية وغير جدّية أو أن هناك تساهل ومجاملة عزّزها صمت الهيئة التطبيعية عن تلك الحالة التي إن كانت تعلم بها فتلك مصيبة وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم!

المشهد الثاني ربّما هو الأكثر غرابة ويشكّل سابقة مفضوحة عبر وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي تتمثّل بنقل مقاطع لحضور جماهيري كثيف لتدريبات الأندية واستعداداتها على ملاعبها الخاصة وهي تمارس هواية التشجيع الجنوني والاحتكاك والتلامس من دون أدنى إجراءات السلامة أو التباعد الأجتماعي وهي حالة لم تتوقف عندها الهيئة التطبيعية أيضاً ولم يصدرعنها توجيهات تمنع بها أي تجمّع جماهيري أو تصدر عقوبات بحق الأندية المخالفة وكأنّ انتشار الفايروس ينشط خلال المباريات الرسمية فقط دون غيره!

باختصار.. إن قضية التعامل مع (كوفيد 19) والسلالة الجديدة منه تحتاج الى إحساس عالي بالمسؤولية، وهدفٍ سامٍ يتعلّق بحياة الإنسان العراقي يتجاوز كل الأهداف الأخرى المرتبطة بالنشاط الرياضي، وحين تسعى وزارة الشباب والرياضة الى حمل بشائر استحصال موافقة اللجنة العليا للصحّة والسلامة على الحضور الجماهيري لمباريات الدوري وتقلّد وسام الشجاعة بالإقناع عليها أن تجلس أولاً مع الهيئة التطبيعية وتتفحّص كل الخروقات وتدرس حقيقة تنفيذ الإجراءات الصحّية وفعّاليتها ونسبة الالتزام بدءاً من تدريبات النادي ووصولاً الى المباريات الرسمية، فحياة الرياضيين والجماهير وخلفهم عوائلهم ليس ميداناً مناسباً للمجازفة أو محطة للتفاخر بإنجازات نجاح تطبيق البروتوكول الطبي المزعوم!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram