محمد حمدي
يشاركني الكثير من الزملاء في الصحافة الرياضية الخوف من التفسيرات الخاطِئة لمن يتابع ما ننشر حول مختلف قضايا الساعة، وفي جميع المواضيع والملفّات تعد عليك كلماتك وآرائِك وتجيّر على أنّها ميول لهذا الطرف أو ذاك، وإن كنت في قمّة المهنية والحياد والشفافية الى درجة يجتهد بها البعض في فنّ التأويل والتحريف والشرح المُسهب كما يفعل علماء الفقه والنحو والتفسير في ربط ما تنشره بقضايا لا شأن لكَ بها، لا أقول ذلك من قبيل المبالغة أو التشبيه المُفرط، بل من وحي ما يحصل يومياً ونتعرّض له من أسئلة وانتقادات.
اتذكّر أن أحد الزملاء أشار الى حادثة غريبة حصلت في أحد ملاعب المحافظات حول مخالفات ارتكبت أثناء البطولة أو لعبة بعينها مع غياب التجهيزات المناسبة للفرق المشاركة، وقد أشار الزميل بمنتهى الموضوعية الى هذه المخالفات، ولكن الذي حصل أن النادي الأكبر في المحافظة وروابط الجماهير ومن خلفهم لجنة الشباب والرياضة في المحافظة والمحافظ شخصياً، نظّموا حملة شعواء ضد الزميل المذكور واتهموه بشتّى التهم المقيتة أقلّها التحزّب والطائفية والعِرقية، وطالبوا بمنعهِ من دخول تلك المحافظة كشخص غير مرغوب فيه.
لقد سقتُ هذه المقدّمة بُغية الدخول الى الموضوع الذي أنوي طرحه هنا، وما دفعني لكتابتها هو التفسيرات التي قد تصاحب كلامي عن موضوع هو ربّما من حديث الساعة، وسأعمل على تناوله بطريقتي التي اعتمدتُ بها المقارنة لا أكثر من ذلك، كما تعمّدتُ أن يمضي الوقت وتهدأ الأزمة التي صاحبت لقاء نادي الشرطة مع الديوانية ضمن الدوري الكروي الممتاز، تلك الأزمة التي أتّسعت بلا مُبرّر وحملت أكثر من طاقتها بكثير وصوِّرت على أنها حرب نفسية استفزازية بين (رئيس نادي وجماهير نادي آخر) دفع ثمنها لاعبون محترفون وسُمعة رياضة بلد بحجم العراق، وانساقت خلفها الإدارات دون أدنى احترافية في العمل الدبلوماسي والإداري معاً، وللإيضاح فقط لنرى ما الذي يحصل بين أندية الزمالك والأهلي والمصري البورسعيدي في مصر وصولاً الى تمثيل التنافس بما يقارب من 20 فيلماً سينمائياً وأعمال درامية وغنائية كثيرة، ولنرى أيضاً ما يحصل بين الهلال والاتحاد والأهلي في السعودية وبين برشلونة وريال مدريد في إسبانيا وليفربول والمان يونايتد وأمثلة أخرى حاضرة في جميع دول العالم يتم التعامل معها على أساس شحنات ومشاغبات تزيد من روح التنافس وتُلهب روح التشجيع وليس التصدّي بالحجارة والتسقيط بالألفاظ واختلاق الأزمات.
إن ما حصل قبيل وبعد وأثناء مباراة الشرطة والديوانية عكس حالة بعيدة كل البُعد عن التحضّر وإمكانية استثمار المواقف والسوشيال ميديا والإعلام بأفضل شكل الى حالة مزرية تَردَّدَ صداها في البرازيل وفي أوروبا بموجة إعلامية صوّرت الاحتراف في العراق بمعنى مُغاير بكلمة (الاحتراق) كإشارة على من يذهب ليحترف في هذا البلد، وهذا ما لا يرضي أحداً بالتأكيد.
أخيراً، أعتقد أن وصول شخصية استثمارية مهمّة لنادي الديوانية كما هو الرئيس الحالي سيكون له أفضل الأثر على الاستثمار في الأندية الأخرى التي تعاني الفقر بوضوح، ولكن فيما لو نجح بمهمّته الصعبة جداً، والأكيد أيضاً أنها ستتجاوز هفواتها مع الاستمرار وزيادة الخبرة والتجارب، والعكس سيكون بمردودات صعبة جداً ربّما ستقطع دابر الاستثمار في الأندية إن صحّ التعبير أو تعيد أنديتنا الى التهديد بالانسحاب من الدوري لعدم قدرتها على تصريف أمورها البسيطة.