TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معالي الكلمة: الاحتراف بِـتَعَمُد (الاحتراق)

معالي الكلمة: الاحتراف بِـتَعَمُد (الاحتراق)

نشر في: 24 مارس, 2021: 09:59 م

 عمـار سـاطع

يَصرُّ بعض مُعدّي ومُقدّمي البرامج الرياضية اليومية من على شاشة القنوات الفضائية العراقية، على السير عكس الاتجاه، لأهداف تكسب من خلالها حضور عدد أكبر من المشاهدين أو كسب ودّ المعلّقين والمتابعين عبر روابط البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي!

قضية مُحيّرة حقاً أن تكون أهمية المتابعين والمعلقين أكثر من الفحوى والمحتوى الذي يفترض أن يكون مهنياً ومدروساً وواقعياً، فضلاً عن كونه نابع من قناعات صحفية وإعلامية مشتركة مدعوم بتصوّرات أهل الرأي، تترابط فيها الأطر العامة لكل حلقة شريطة أن يكون الالتزام في أعلى درجاته والذائقة في مقدّمة أولويات المتواجدين في الاستوديو!

يبحث الجميع عن الاحتراف في العمل الإعلامي، لكنهم يحترقون في أول ظهور، فترسم البرامج صورة ضبابية أمام ما هو منطقي.. وتجد الاستنتاجات أنها تصل الى مرحلة نسخ المواضيع وعرضها بشكل بليد، وربما مثير أو حتى ضعيف غير مجدٍ، بل وأكثر من ذلك، فإن جلب الأنظار سيكون من بين اهتمامات المذيع الذي يترقب لحظة الانتقالة الفعلية صوب التأثير على مفصلية الحلقة ذاتها!

عندنا في العراق.. بوادر شُحّ حقيقية في إعداد البرامج المهنية الحيادية والتي تبحث عن الحقيقة دون تزييف أو تعقيد أو حتى عبر عرض وجهات النظر ومنح كل طرف فرصة عرض رأيه بشكل ينسجم مع الطرح دون اللجوء الى الاستهانة أو التقليل أو حتى الإساءة والتجريح، واستخدام كلمات ومصطلحات مُحترمة بعيدة عن تشويه ذائقة المتلقي أو طرح أمور بعيدة عن لياقة الحديث!

وبمقابل ذلك الشُح التي يقتصر على برنامج أو برنامجين وربّما ثلاثة برامج، فإن برامج الرياضة اليوم تُعدُّ مُسيئة الى من يشاهدها كونها كسرت حواجز الاحترام وقلّلت من قيمة الحضور وأضرّت بالمشاهد، بل ودفعت الى دق أسفين التفرقة بين هذا وذاك، بينما يبحث المقدّم عن أسلوب (خالِفْ تُعرفْ) أو عن مصطلح جديد انتشر في الآونة الأخيرة وهو (الطشّة) عبر زيادة أرقام أعداد المتابعين والمُعلّقين على صفحات برنامجه في السوشيال ميديا، لتصوّره أنه يحقق ذاته من خلاله!

مشكلة مقدّمي العديد من البرامج الرياضية.. أنهم لا يفرّقون بين من يتابعهم ومن يتأثّر بهم.. فلا نظام محدّد يمكنه أن يعطي إحصائيات على الأشخاص الذين يشاهدون البرامج الرياضية التي أصبحت تتوزّع على ساعات اليوم الواحد بدءاً من الساعة الخامسة عصراً وحتى ما بعد منتصف الليل، مثلما لا يوجد سياق مُحدّد يفرض منطقاً مهنياً على الجميع أن يلتزم به!

والأدهى من ذلك، أن مقدّمي البرامج، يحاولون صناعة الإثارة وتبنّي رأياً ما في الحلقة، بعيداً تماماً عن لغة الحياد والوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، وهذا كلّه أيضاً بمقابل النيل من فحوى المادة الصحفية، والأسئلة التي تُطرح وطريقة عرضها، وهو ما أوصلنا الى حقيقة أن هناك ضعفاً كبيراً في خزين المعلومات لدى المقدّم ومن قَبله المُعد!

برامج الرياضة اليوم، وأكثرها، تحاول انتهاج نهج النسخ في البرامج السياسية ومتبنّيات غير واضحة، بسبب سياسة القناة والأجندة التي وضعتها لنفسها والخط الذي تبنّته، أصبحت تصْطَفّ مع فرقة بعيدة عن فرقة أخرى، ويغلب عليها الانحياز لجهة على حساب جهة أخرى، وتطرح المشاكل من دون أن تصل الى حلول أو ربما محاولة إيجاد معالجات لأمور تؤثر سلباً على الواقع الرياضي!

الإصرار الذي نجدهُ اليوم هو أن مُعدّي ومُقدّمي البرامج الرياضية دخلوا فيما بينهم في مرحلة التنافس الذي أجده إساءة أولاً للإعلام، ونظرة تبتعد عن المهنية ثانياً، ومحاولة للنسخ في قراءة الأمور والقضايا ثالثاً، وتغليب الطَبع على التطبّع رابعاً، وهي من وجهة نظري علامة تبتعد عن العمل الذي يفترض أن يكشف قضايا مهمّة ويعرض مواضيع ينتظرها الجمهور الرياضي، وبدلاً من كل ذلك يدخل الإعلاميون فيما بينهم في مرحلة صراع خفي من جهة ومُعلن من جهة أخرى، وتنال فترات من البرامج وقتاً للتسقيط بين هذا المقدّم وذاك وهو أمر غير مقبول تماماً!

أيها الأخوة.. إن البرامج الرياضية وُجدَتْ بهدف تحقيق غايات تصبُّ في صالح الرياضة وليس التنافس على أعداد المتابعين، وهي جاءت لتؤسّس لمرحلة صحيحة تكشف ملفات وقضايا ومشاكل تكثر في مجتمع الرياضة وتمنح المتابعين رسالة نموذجية مهنية سليمة وصحيحة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram