عمـار سـاطع
يَصرُّ بعض مُعدّي ومُقدّمي البرامج الرياضية اليومية من على شاشة القنوات الفضائية العراقية، على السير عكس الاتجاه، لأهداف تكسب من خلالها حضور عدد أكبر من المشاهدين أو كسب ودّ المعلّقين والمتابعين عبر روابط البث المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي!
قضية مُحيّرة حقاً أن تكون أهمية المتابعين والمعلقين أكثر من الفحوى والمحتوى الذي يفترض أن يكون مهنياً ومدروساً وواقعياً، فضلاً عن كونه نابع من قناعات صحفية وإعلامية مشتركة مدعوم بتصوّرات أهل الرأي، تترابط فيها الأطر العامة لكل حلقة شريطة أن يكون الالتزام في أعلى درجاته والذائقة في مقدّمة أولويات المتواجدين في الاستوديو!
يبحث الجميع عن الاحتراف في العمل الإعلامي، لكنهم يحترقون في أول ظهور، فترسم البرامج صورة ضبابية أمام ما هو منطقي.. وتجد الاستنتاجات أنها تصل الى مرحلة نسخ المواضيع وعرضها بشكل بليد، وربما مثير أو حتى ضعيف غير مجدٍ، بل وأكثر من ذلك، فإن جلب الأنظار سيكون من بين اهتمامات المذيع الذي يترقب لحظة الانتقالة الفعلية صوب التأثير على مفصلية الحلقة ذاتها!
عندنا في العراق.. بوادر شُحّ حقيقية في إعداد البرامج المهنية الحيادية والتي تبحث عن الحقيقة دون تزييف أو تعقيد أو حتى عبر عرض وجهات النظر ومنح كل طرف فرصة عرض رأيه بشكل ينسجم مع الطرح دون اللجوء الى الاستهانة أو التقليل أو حتى الإساءة والتجريح، واستخدام كلمات ومصطلحات مُحترمة بعيدة عن تشويه ذائقة المتلقي أو طرح أمور بعيدة عن لياقة الحديث!
وبمقابل ذلك الشُح التي يقتصر على برنامج أو برنامجين وربّما ثلاثة برامج، فإن برامج الرياضة اليوم تُعدُّ مُسيئة الى من يشاهدها كونها كسرت حواجز الاحترام وقلّلت من قيمة الحضور وأضرّت بالمشاهد، بل ودفعت الى دق أسفين التفرقة بين هذا وذاك، بينما يبحث المقدّم عن أسلوب (خالِفْ تُعرفْ) أو عن مصطلح جديد انتشر في الآونة الأخيرة وهو (الطشّة) عبر زيادة أرقام أعداد المتابعين والمُعلّقين على صفحات برنامجه في السوشيال ميديا، لتصوّره أنه يحقق ذاته من خلاله!
مشكلة مقدّمي العديد من البرامج الرياضية.. أنهم لا يفرّقون بين من يتابعهم ومن يتأثّر بهم.. فلا نظام محدّد يمكنه أن يعطي إحصائيات على الأشخاص الذين يشاهدون البرامج الرياضية التي أصبحت تتوزّع على ساعات اليوم الواحد بدءاً من الساعة الخامسة عصراً وحتى ما بعد منتصف الليل، مثلما لا يوجد سياق مُحدّد يفرض منطقاً مهنياً على الجميع أن يلتزم به!
والأدهى من ذلك، أن مقدّمي البرامج، يحاولون صناعة الإثارة وتبنّي رأياً ما في الحلقة، بعيداً تماماً عن لغة الحياد والوقوف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، وهذا كلّه أيضاً بمقابل النيل من فحوى المادة الصحفية، والأسئلة التي تُطرح وطريقة عرضها، وهو ما أوصلنا الى حقيقة أن هناك ضعفاً كبيراً في خزين المعلومات لدى المقدّم ومن قَبله المُعد!
برامج الرياضة اليوم، وأكثرها، تحاول انتهاج نهج النسخ في البرامج السياسية ومتبنّيات غير واضحة، بسبب سياسة القناة والأجندة التي وضعتها لنفسها والخط الذي تبنّته، أصبحت تصْطَفّ مع فرقة بعيدة عن فرقة أخرى، ويغلب عليها الانحياز لجهة على حساب جهة أخرى، وتطرح المشاكل من دون أن تصل الى حلول أو ربما محاولة إيجاد معالجات لأمور تؤثر سلباً على الواقع الرياضي!
الإصرار الذي نجدهُ اليوم هو أن مُعدّي ومُقدّمي البرامج الرياضية دخلوا فيما بينهم في مرحلة التنافس الذي أجده إساءة أولاً للإعلام، ونظرة تبتعد عن المهنية ثانياً، ومحاولة للنسخ في قراءة الأمور والقضايا ثالثاً، وتغليب الطَبع على التطبّع رابعاً، وهي من وجهة نظري علامة تبتعد عن العمل الذي يفترض أن يكشف قضايا مهمّة ويعرض مواضيع ينتظرها الجمهور الرياضي، وبدلاً من كل ذلك يدخل الإعلاميون فيما بينهم في مرحلة صراع خفي من جهة ومُعلن من جهة أخرى، وتنال فترات من البرامج وقتاً للتسقيط بين هذا المقدّم وذاك وهو أمر غير مقبول تماماً!
أيها الأخوة.. إن البرامج الرياضية وُجدَتْ بهدف تحقيق غايات تصبُّ في صالح الرياضة وليس التنافس على أعداد المتابعين، وهي جاءت لتؤسّس لمرحلة صحيحة تكشف ملفات وقضايا ومشاكل تكثر في مجتمع الرياضة وتمنح المتابعين رسالة نموذجية مهنية سليمة وصحيحة!