TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: هذيان انتخابي

العمود الثامن: هذيان انتخابي

نشر في: 24 مارس, 2021: 10:06 م

 علي حسين

ذات يوم سيجلس أحد أشهر أدباء النمسا "ستيفان تسفايج" يتأمل ما يجري في العالم، ويسأل نفسه، ترى ماذا يخبئ لنا المستقبل؟. كان ذلك نهاية العام 1918 والحرب العالمية تضع أوزارها بعد أن حصدت أرواح عشرة ملايين إنسان.

بعد عشرين عاماً يعود ليكتب: "الاعتبارات السياسية دائماً ما تنتصر على الأخلاق"، ويروي في رسالة يبعثها إلى صديقه الروائي الألماني " توماس مان " كيف أنه لاحظ أن مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب تسفايج "عنف الدكتاتورية" عام 1936 كان هتلر في قمة صعوده، ولكن هذا لم يمنع صاحب "بناة العالم" من أن يذكّر البشرية بأنّ السياسي الفاشل لا ينتج سوى دولة "هواة".

يقدم لنا هذا المواطن النمساوي الذي قرر الانتحار لأنه أحس بأن القيم الأخلاقية والوطنية تتراجع، أفضل درس في محبة الأوطان، ويأخذنا ليقرأ على مسمعنا حكاية صعود القوى الفاشلة والظلامية كما يصفها.

أقرأُ تعليقات عدد من القراء في موقع الجريدة ومعضمها تحتار في وصف ما يجري. وإلى هؤلاء القراء، أحب أن أقول، إذا لم نكن ذاهبين إلى ، الوقوف بوجه الفشل والكذب والانتهازية وسرعة الثروات وخداع الناس والمضي في التعصب والتخلف، فماذا سوف نحقق إذن؟.

كنتُ مثل غيري كثيرين أتوقع أن السادة النواب الذين انتخبهم الشعب سيتخذون الطريق الأصلح في معالجة الخراب، ولكن يبدو أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فها هو نائب أشاهده للمرة الأولى للأسف، يحذر الأمم المتحدة من دس أنفها في الانتخابات، ويرفض سيادته أي رقابة دولية، وقبل أن يسأله المذيع، لماذا ياسيدي النائب؟، يجيب لأن الأمم المتحدة سوف تستعين بإسرائيل لمراقبة الانتخابات العراقية..وقبل ان يفوق المقدم من صدمة الجواب ، يكمل النائب ملحمته السياسية ليعلنها صراحة ان الامم المتحدة لو تدخلت سنعلنها حربا ولا اريد ان اسأل " جنابه " الحرب على من ؟ على الشعب الذي سينتخبكم.

لا مفاجأة إذن، أن نكون على قمة بؤساء العالم، وأن نحصل على مراكز متقدمة في الدولة الأكثر تخلّفاً ونهباً للثروات، إنجاز جديد يضاف إلى قائمة الإنجازات العملاقة منذ خمسة عشر عاماً. ما المفاجأة في بلد يريد له ساسته "الأشاوس" أن يستقيل من التاريخ والجغرافيا والسياسة؟

مثل ملايين العراقيين لا أملك أن أمنع أي نائب من أن يخرج على الفضائيات ليشرح نظريته السياسية ، مادامت الديمقراطية منحته هذا الحق، ولكن في معظم دول العالم نجد أن النائب يخشى التلويح بالتهديد والوعيد ، لان القانون سيكون بالمرصاد ، فما بلك بنائب يهدد الشعب .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram