علي حسين
على الصفحة الأولى من معظم صحف العالم خلال الأيام الماضية، نشرت صورة للسيدة سامية صُلُحو حسن والتي يطلق عليها في بلادها لقب "ماما سامية" وهي تتولى رئاسة الجمهورية في تنزانيا.. وأتمنى عليك عزيزي القارئ أن تعرف أن السيدة سامية امرأة مسلمة ومحجبة ستقود بلداً أكثريته ينتمون للديانة المسيحية ،
قالت عندما تم اختيارها قبل سنوات لمنصب نائب الرئيس :" من الممكن جداً أن تتولى امرأة إدارة هذه البلاد، فلمَ لا؟! وقد نجح ذلك في أماكن أخرى. إذا كان بمقدور امرأة مثلي أن تتولى منصب نائب الرئيس، فما الذي يمنع غيري من تولي منصب الرئيس .
في تنزانيا هناك من يسعى لترسيخ التسامح بمفهومها الواسع من خلال خطوات أبرزها: أولاً احترام المواطن للمسؤول، ثانياً حماية حقوق الاقليات والسماح لهم بتولي اعلى المناصب ، ثالثاً أن تكون الكفاءة هي المعيار الأول في إدارة مؤسسات الدولة.. رابعاً، وهذا هو المهم، أن الدولة وقيمها أهم وأغلى من الانتماءات الحزبية والطائفية والدينية.
تعلمنا تجارب الشعوب الحيّة أن أول شروط تحمل المسؤولية هي النزاهة، لا الجشع. وأهم أحكامها الترفع لا الاستعلاء، النزاهة فعل إيمان بالوطن والإنسان، ليس لها مقربون وحاشية يفسرون ويجتهدون ليحولوا الحقائق إلى أباطيل، وهي تبقى صفة لمن يحافظ عليها كفرض وواجب، لا كدعاية انتخابية.. النزاهة لا تقبل الاستثناءات ولا الخطأ. إنها شيء مطلق. لا يكون المرء شبه نزيه، أو نصف نزيه. إما أنه رجل نزيه وإما مثل سواه ممن يؤمنون بأن المنصب إرثٌ شرعيّ نورثه للذين من بعدنا.
وقبل أن نبحث عن معاني للنزاهة والكفاءة في القواميس، علينا أن نعرف أن الشعارات، لا تخلق حكاماً نزيهين.. لقد تدرب هذا الشعب المسكين على تلقي ما يُرمى إليه من خطب وبيانات عن التطور والازدهار، وكفاءة المسؤولين ومثابرتهم.. ووجدنا من يكتب معلقات في مديح وورع وتقوى حكامنا وتواضعهم، وأنهم يؤدون الطقوس والشرائع.. ولكننا لم نجد أحداً منهم يؤمن بكفاءة الذي يختلف معه سياسياً وعقائدياً.
في بلادنا التي لا تملك من الديمقراطية إلا قشورها، يحتاج الأمر إلى قادة يؤمنون بالكفاءة والنزاهة قولاً وفعلاً، فيلهمون الناس هذه المعاني حتى تستقر في المجتمع، قادة يملكون موهبة التواصل مع الجميع، يؤمنون بالآخر حتى لو اختلف معهم، يديرون الاختلافات دون تكفير وتخوين، لا ينغلقون في أحزابهم وجماعاتهم وأقاربهم، ولا يختزلون الوطن والمواطنين في المقربين منهم
والآن هل يمكن أن اسأل بعد 18 عاما من الديمقراطية : هل نسمح لامرأة ان تتولى منصب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء ، او تجلس على كرسي محمد الحلبوسي ، ولا تسألني ماذا لو كانت هذه المرأة مسيحية او صابئية او ايزيدية ؟