بغداد/ تميم الحسن
يقف وراء شعارات "المقاومة" في استهداف المصالح الأجنبية وأرتال الدعم اللوجستي تنافس حاد بين أحزاب على عقود تأمين تلك القوات.
وتحاول فصائل مسلحة من خلال الاستعراضات في الشوارع او السيطرة على بلدات كاملة، ارسال رسائل الى جهات غربية بضرورة التفاوض معها لأنها "صاحبة القوة على الأرض".
الحكومة بدورها تجاهلت عشرات الحوادث التي استهدفت شاحنات تنقل معدات للقوات الاجنبية، ولم تعلن عن حدوثها غير مرات قليلة دون سبب واضح. ومنذ حزيران 2020 وسعت فصائل شيعية باسماء متعددة تطرح نفسها كجماعات "مقاومة" عملها باستهداف ارتال الدعم اللوجستي للقوات الامريكية على الطرق السريعة.
ونفذت تلك الفصائل هجمات بمعدل 10 الى 15 هجوما في الشهر الواحد، ثم تصاعد بعد ذلك العدد ليصل إلى اكثر من 20 هجوما شهريا.
غلاف المقاومة!
ويقول مصدر امني مطلع في بغداد لـ(المدى) ان "تلك الهجمات تغلف بغلاف المقاومة لكنها في حقيقتها صراع على عقود الحماية". تقطع هذه الشاحنات مسافات طويلة تصل احيانا الى اكثر من 700كم، وتأخذ شركات ملايين الدولارات لتأمينها عبر المرور بمدن مختلفة.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه ان "اغلب شركات الحماية تابعة لأحزاب وشخصيات سياسية، وهم يتصارعون في الخفاء للسيطرة على العقود".
وفي شباط الماضي، تسربت معلومات عن ما عرف حينها بـ"عصابة الموت" التي اعلن عن اعتقالها في البصرة، بان لها علاقة باستهداف الارتال على الطرق السريعة.
وكانت المجموعة التي اعتقلت في شمالي البصرة، مكونة من اكثر من 10 اشخاص، لكن قد تم تهريب اكثر من نصفهم عن طريق حزب سياسي، بحسب ما كشفته (المدى) آنذاك، لكنها لم تستطع التعرف على اسم الحزب.
لكن تسريبات حينها ربطت أسماء العصابة بحركة عصائب اهل الحق التي ينتمي اليها المدعو احمد عبد الكريم ضمد (احمد طويسة)، وهو قائد المجموعة ومازال هاربا حتى الآن.
وكانت اغلب الارتال تتعرض لهجمات في المناطق الجنوبية ثم توسعت العام الحالي ليتم استهدافها في مناطق مثل الانبار. ولاول مرة منذ صيف 2020 سجلت العام الحالي 7 هجمات ضد ارتال الدعم اللوجستي في الانبار وصلاح الدين.
القوة على الأرض
ويضيف المصدر ان "عمليات ضرب الارتال في المناطق ذات الاغلبية السنية هي رسائل لامريكا بان تلك الفصائل هي المسيطرة وعلى واشنطن او الدول الغربية التفاهم معها اذا ارادات حماية مصالحها". وربط المصدر ماجرى قبل ايام من استعراض لمجموعة "ربع الله" في بغداد، باظهار من المسيطر على الأرض في العراق.
وفي الأشهر الثلاثة الاخيرة، شهدت الفلوجة ومنطقة اخرى في الانبار هجومين من هذا النوع، مقابل 5 هجمات مماثلة في الاسحاقي وسامراء التابعتين لصلاح الدين.
وشنت هذه الفصائل منذ مطلع العام الحالي، بحسب بيانات لها، 60 هجوماً في 8 محافظات، نالت بغداد النصيب الاكبر منها تليها بابل.
واستهدفت تلك الجماعات الارتال العسكرية منذ كانون الثاني الماضي، 14 مرة في بابل، 21 مرة في بغداد، 5 في البصرة، 9 الديوانية، 6 الناصرية، 5 صلاح الدين، 2 الانبار، و7 السماوة.
ويظهر من بيانات تلك الجماعات، تبني 3 فصائل للهجمات، اثنين منها ظهرت في العام الحالي، وهي "المقاومة الدولية" و"لواء خيبر" الى جانب "اصحاب الكهف" المعروفة من العام الماضي.
ونشر فصيل المقاومة الدولية في 25 آذار الماضي، فيديو قال انه لاستهداف رتل للقوات الامريكية في طريق اليوسفية التابع لمحافظة بغداد، وفيديو آخر لنفس الفصيل في 11 آذار الماضي، لهجوم في الفلوجة.
كما فعل"لواء خيبر" الامر نفسه، ونشر مقطع مسجل لضرب احد الارتال في تاريخ 17 آذار لكنه لم يذكر المكان، وعرضت "أصحاب الكهف" فيديو لاستهداف شاحنات على طريق الديوانية في 13 شباط الماضي.
حقيقية أم مزيفة؟
لكن النائب محمد حسين، وهو عضو في لجنة الامن والدفاع في البرلمان، يظن ان تلك العمليات "مفبركة": "لم ترد اخبارها عن طريق بيانات رسمية".
وأضاف في اتصال مع (المدى)، أمس، انه "لم نناقش تلك الأحداث في اللجنة كما لم نسمع من الحكومة عن مثل تلك الهجمات".
اللوجستي في محافظة بابل
وقالت الخلية في بيان، إن "رتلا للدعم اللوجستي تابعا للتحالف الدولي لشركات نقل عراقية وسائقي العجلات من المواطنين العراقيين، تعرض الى انفجار عبوة ناسفة على طريق الحلة السريع بالقرب من جسر الدغارة ضمن قاطع مسؤولية مديرية شرطة محافظة بابل".
واضافت أن "ذلك ادى الى احتراق إحدى العجلات وإصابة سائقها العراقي، وتم نقله للمستشفى لتلقي العلاج"، مشيرة الى أن "الرتل استمر بالحركة نحو وجهته المقصودة".
وكانت خلية الإعلام قد نشرت العام الماضي، نحو 10 بيانات بين حزيران وتشرين الثاني، تفيد بوقوع هجمات بنفس الأسلوب.
بالمقابل يناقض عضو آخر في لجنة الامن كلام زميله، ويؤكد ان تلك الحوادث "حقيقية" لكن "الحكومة تتكتم عليها".
ويضيف صادق الركابي عضو اللجنة ذاتها في اتصال مع (المدى): "بالتأكيد هذه الهجمات موجودة، والحكومة لا تتحدث عنها لانها غير قادرة على حماية الارتال".
وكانت الفصائل التي تهاجم تلك الارتال، قد نشرت بيانات في العام الماضي، اعتبرت الشركات الاجنبية بانها "مرتزقة" وتابعة للاستخبارات الاجنبية.
لكن بعض المصادر تعتقد انه ليس من مصلحة الشركات الامنية الكشف عن تعرض تلك الارتال الى هجمات والا عليها "دفع مبالغ لتعويض الجيش الامريكي عن الاضرار".