TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دروس السودان للبرلمان العراقي

العمود الثامن: دروس السودان للبرلمان العراقي

نشر في: 31 مارس, 2021: 10:37 م

 علي حسين

منذ أن تفجرت الاحتجاجات في السودان ونحن نتابع التطور المثير في هذه البلاد التي أرادت أن يثبت للعالم أن التغيير ممكن بأبسط الأدوات، المهم أن تتوافر الإرادة الشعبية المخلصة، وأن يكون هناك استعداد لدفع الثمن، وساعتها سيكون التغيير سهلاً، وفي السودان شاهدنا كيف أن شباباً استطاعوا أن ينهوا ثلاثين عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس المؤمن عمر البشير.. فيما احتجاجات شباب العراق ابتلعتها الانتهازية ، وكانت طريقاً للحصول على المناصب .

في واحدة من أجمل مشاهد تظاهرات السودان، كان مشهد الفتاة آلاء صلاح التي اشتهرت بلقب "حبوبتي كنداكة"، وقبل هذا المشهد كان البشير يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون، قال آنذاك ساخراً وهو يحمل عصاه "البعض يتحدث عن الفتاة التي جلدت على وفق حدود الله والذين يقولون إنهم خجلوا من هذا عليهم أن يغتسلوا ويصلّوا ركعتين ويعودوا للإسلام".

أتذكر ما قاله البشير، وأقرأ خبراً من بلاد الطيب صالح يقول إن اتفاقاً وُقع بين الجهات السياسية ينص على فصل الدين عن الدولة، والحيادية في القضايا الدينية، وكفالة حرية المعتقدات وأن لا تتبنّى الدولة أي ديانة لتكون رسمية في البلاد.

منذ اعوام وساستنا الأشاوس يروّجون لقرارات تُخرس كل من يطالب باقامة دولة مدنية، ويخرجون على الفضائيات يحذرون من نشر الرذيلة والفحش في ساحات الاحتجاجات ، ويطالبون العراقيين بالهداية، لكنهم صمّ وبكم وهم يشاهدون العمليات المنظمة لنهب ثروة البلاد وإشاعة الطائفية وتشجيع الانتهازية والتزوير، وفيما عمر البشير "المؤمن" ظلّ يهدّد الغرب ملوّحاً بعصاه: "من يطمع في السودان عليه أن يلحس كوعه"، اضطر في النهاية أن يلحس كوعه، فيما نحن نواجه آخر الإحصائيات التي تقول إن نسبة الفقر في بعض مدننا يدير شؤونها ساسة "مؤمنون" وصلت إلى ما يقارب الـ50 بالمئة .

ثلاثون عاماً من البؤس عاشها السودانيون في ظل الرئيس "المؤمن" عمر البشير، وفي لحظة واحدة ، كان الاتفاق بين جميع الأطراف السياسية على فصل الدين عن الدولة، فقد جرب السودانيون حكم الدولة الدينية التي كان فيها عمر البشير يقف بنفسه ليبرر جلد الفتيات السودانيات لأنهن يرتدين البنطلون، فيما يصر ساستنا على اصدار قوانين مضايقة الحريات ، لتكون بديلا عن توفير الكهرباء ونقص مواد البطاقة التموينية وانعدام الخدمات والأهم أنها تحميه من شر العبوات " المؤمنة " التي عجزت الأجهزة الأمنية عن كشف اصحابها. في كل دورة "مباركة " من دورات البرلمان يعد الناس بالرخاء والنماء والاستقرار ، ولم يعدهم بتضييق الحريات وخلق معارك جانبية لا تصب في مصلحة المواطن، كان آخرها محاولة تحويل المحكمة الاتحادية إلى محكمة شرعية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    السودان لا تجاورها ايران ولا يخضع شعبها للعمائم الفارسيه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram