اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حفل القصاص من حسوني

العمود الثامن: حفل القصاص من حسوني

نشر في: 6 إبريل, 2021: 10:32 م

 علي حسين

مؤلم وقاسٍ ، هذا الإصرار على السخرية من العراقيين، حين يحاول البعض أن ينسى فضيحة قتل أكثر من 700 متظاهر، وجرح أكثر من عشرة آلاف، ليصدر قراراً بحبس الشاب "حسوني" الذي شارك بتظاهرات ذي قار لمدة عامين ، والحجة أن هذا الشاب الذي لا يملك من الدنيا سوى ملابسه المتسخة تعدى على حرمة مؤسسات الدولة وأرهبها.

قتل 700 مواطن أمر قليل الأهمية.. خطف المتظاهرين من بيوتهم وتغييبهم أمر قليل الشأن.. لكن ان يتظاهر انسان جائع ومهمل فهذا الامر من الكبائر.

اثاء احتجاجات تشرين جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان أساليب القتل والخطف التي تمارسها الحكومات المستبدة، سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب أرسلتها بعض الجهات، لكل من يختلف مع منهجها التسلطي، ولهذا لن يكون مفاجئاً أو غريباً ان يسمح لجميل الشمري بعد مجزرة الناصرية أن يتبختر داخل وزارة الدفاع، ماذا تسمّي مثل هذه التصرفات؟ البعض سيقول اهمال، وأنا أسمّيها غباءً واستبداداً حين يعتقد من بيدهم امور الناس أنهم قادرون على إرهاب المواطنين.

ظل الناس ينتظرون أن يروا أمامهم مسؤولاً، يتعامل على مسافة واحدة مع الجميع، مسؤول شعاره العدالة أولاً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام عقليات خربة تتعامل مع المواطن باعتباره عدواً وعميلاً يجب اجتثاثه، كانت الناس تريد مسؤولين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون إعادة العراق إلى زمن القرون الوسطى، وأن نبقى جميعاً نعيش عصر الشعوب الخانعة التي تحكم بقوانين "قرقوشية".

قرار القصاص من " حسوني " يؤكد، بما لا يحتمل الشك، أن البعض من اهل السلطة قد عزلوا أنفسهم في ساحة شاسعة، يمارسون فيها جنون القرارات والتصريحات والالاعيب، ويطلون على الناس بوجه صارمة ، تريد ان تقول ان كل هذا الشعب متهم .

للاسف لا يدرك المسؤول ان لا استقرار مع قوانين عرجاء، تقفز كلما أراد الناس أن يحاسبوا المفسدين والسراق والمزورين والقتلة، وتصمت عندما تنتهك آدمية الإنسان، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون جريمة " حسوني " ويسدلون الستار على مجزرة جميل الشمري.

في ظل نظام اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس والحط من آدميتهم..

اليوم ونحن نقرأ خبر الحكم على "حسوني" في الوقت الذي يتم فيه تكريم جميل الشمري المتهم بمجزرة الناصرية، فإننا نجد أنفسنا أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات التسلط على الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram