متابعة المدى
قرر الرئيس السابق لكوبا، ورئيس الحزب الشيوعى الكوبي، راؤول كاسترو، ترك السياسة وسط الفوضى السائدة من تظاهر المواطنين الكوبيين منذ شهور في الشوارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها حركتي إم إس أي MSI و سان إيسيدرو، ولذلك قرر ترك رئاسته للحزب بعد ثلاث سنوات من تركه للرئاسة.
وأشارت صحيفة “انفوباي” الأرجنتينية إلى أن كاسترو قرر التقاعد وترك السياسة، وسيعقد الأسبوع المقبل المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الكوبي، حيث سيعين ميجيل دياز كانيل زعيماً جديداً للحزب، لكن من المتوقع أن تظل القوانين كما هي وسيتم الحفاظ على الإصلاحات التي أجراها راؤول كاسترو.
الحزب الشيوعي، الذي يحكم كوبا منذ ثورة 1959 ، محاصر بوباء فايروس كورونا، والعقوبات الأميركية، والنقص المزمن في السلع الأساسية ، والسكان الذين نفد صبرهم من الأخطاء البيروقراطية والطوابير الطويلة للحصول على الضروريات، حسبما قالت صحيفة “كرونيستا».
سيتوقف راؤول كاسترو عن كونه السكرتير الأول للحزب، المصدر الحقيقي للسلطة في الجزيرة ، وقائد القوات المسلحة ، بعد أن خدم فترتين لمدة خمس سنوات. خلف شقيقه فيدل ، الذي تنازل له عن السلطة قبل عدة سنوات من وفاته في عام 2016.
وقالت صحيفة “لا تيرسيرا” الإسبانية إن ترك آخر كاسترو للمشهد السياسى فى كوبا يزيل الستار عن جيل الثورة الكوبية ويفسح المجال لجيل أصغر سيتعين عليه التعامل مع أزمة اقتصادية حادة ومعارضة سياسية متزايدة.
وتشهد كوبا أيضاً العديد من المظاهرات التي تطالب بإنهاء الحصار الأميركي المفروض على الجزيرة منذ العام 1962.
وقالت آنا فيديليا كويرو، بطلة العالم السابقة والحاصلة على ميداليتين أولمبيتين في سباق 800 متر، إن “هذا الحصار غير إنساني، وأعتقد أن حملات مماثلة جرت في بلدان مختلفة. ونحن ككوبيين، من واجبنا دعم هذه الحملة ضد الحظر».
والولايات المتحدة وكوبا خصمان منذ ثورة 1959 في هافانا، إلا أنهما أحرزتا تقارباً تاريخيّاً تحت قيادة الرئيسين باراك أوباما وراؤول كاسترو،ما أتاح إعادة العلاقات الدبلوماسية العام 2015. لكن بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2017، شدّدت الولايات المتحدة الحظر بناء على اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في كوبا ودعم هافانا للحكومة الفنزويلية.
ولد راؤول كاسترو يوم 3 حزيران عام 1931 في إقليم هولغوين الشرقي.
درس في سانتياغو وأكمل دراسته في الكلية اليسوعية بالعاصمة هافانا.
تقلد راؤول مناصب عديدة بعد نجاح الثورة على نظام باتيستا في يناير/كانون الأول 1959، أبرزها القائد العام للقوات المسلحة في تشرين الأول 1959، والنائب الأول لرئيس وزراء كوبا عام 1962 ثم النائب الأول لرئيس كوبا (فيدل كاسترو) عام 1972 والسكرتير الثاني للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي (PCC).
أصبح في مقام رئيس الجمهورية بعدما أجريت لشقيقه فيدل كاسترو عملية جراحية لوقف نزيف معوي في 31 تموز 2006، وبعدها بأشهر أعلن فيدل بتاريخ 18 شباط 2008 استقالته بعد 49 سنة من الحكم، فخلفه راؤول بعد انتخابه من طرف البرلمان بتاريخ 24 شباط 2008.
تبنى الفكر الشيوعي منذ شبابه لكنه أبدى نوعاً من البراغماتية أثناء توليه الحكم دون أن يخرج عن النهج العام لسلفه.
سبق راؤول أخاه فيدل كاسترو للانضمام إلى حركة الشباب الشيوعية قبل الثورة وكوّن علاقات قوية مع الاتحاد السوفياتي، في حين لم يقتنع فيدل بالاشتراكية إلا عام 1961.
شارك وهو ابن 22 سنة في العمل المسلح مع الثوار ضد نظام باتيستا وكان من ضمن مهاجمي ثكنة مونكادا في 26 تموز1953، لكنهم اعتقلوا، وبعد الإفراج هرب مع أخيه فيدل إلى المكسيك حيث التقيا الطبيب الأرجنتيني الشيوعي ارنستو تشي غيفارا.
ومن هناك أعدوا لثورة مسلحة لإسقاط باتيستا وعادوا رفقة أكثر من 80 شخصاً إلى كوبا في تشرين الثاني 1956، وبدأوا ثورة جديدة انتهت بهروب الرئيس باتيستا في الليلة الأخيرة من عام 1958.
ظل وفيا لأخيه متواريا خلفه طيلة فترة حكمه (49 عاماً)، وكان أكثر تشددا من كاسترو في الشهور الأولى للثورة، فأبعد لفترة من الزمن عن دائرة الضوء ، عيّنه فيدل كاسترو خليفة له على رأس مجلس الحزب الشيوعي في تشرين الأول 1997.
كان مبعوث أخيه إلى الاتحاد السوفياتي بحكم علاقاته القوية به، و تلقى في تموز 1962 وعدا بالحصول على صواريخ سوفياتية، مما فجر أزمة الصواريخ الأميركية السوفياتية في تشرين الأول 1962.
كان له دور كبير في إدارة عدد من الملفات منها النشاط العسكري لكوبا في إثيوبيا وأنغولا في السبعينينات، وملف المعركة القضائية لإعادة الطفل إليان غونزالس من فلوريدا بالولايات المتحدة إلى وطنه كوبا عام 2000.
أبدى براغماتية واضحة لما صرح في مقابلة نادرة مع التلفاز الرسمي في بداية عام 2001 ، عندما طالب الولايات المتحدة بالتصالح مع كوبا في حياة فيدل كاسترو، لكنه عمليا كان متأثرا بالنموذج الاقتصادي والسياسي الصيني.
في تموز 2013 أعلن راؤول كاسترو بمناسبة مرور 60 عاماً على الثورة الكوبية، أن بلاده ستعرف انتقالا تدريجياً للسلطة إلى الجيل الجديد، وقال “حان الوقت لتسليم مقاليد الثورة إلى الجيل الجديد الذين نثق في أنه سيحافظ على علم الاشتراكية خفاقاً».
في خطوة تاريخية، تصافح راؤول كاسترو مع الرئيس الأميركي باراك أوباما لأول مرة في افتتاح قمة الأميركيتين ب بنما في نيسان 2015 بمشاركة كوبا حينها للمرة الأولى من أكثر من 60 عاماً.
وفي 18 نيسان 2018 غادر راؤول الرئاسة الكوبية، منهياً بذلك ستة عقود من سلطة الأخوين فيديل وراؤول، وهي المرة الأولى -منذ ما يقرب من ستين عاماً- التي يتولى فيها إدارة البلد شخص لا يحمل اسم “كاسترو».