 ذي قار / حسين العامل

(لم يشفع حتى انضمام اهوارها للائحة التراث العالمي بتحسين واقع الخدمات) بهذه العبارة استهل عباس حسن حديثه عن قضاء الجبايش مركز أهوار العراق،

فالقضاء الذي يضم اكثر من 70 الف نسمة وتغمر معظم مساحته المياه والذي بات قبلة السياحة الطبيعية ما زال يفتقر لابسط الخدمات الاساسية ولا يتوفر فيه حتى مكان مناسب لإقامة أو استراحة السائحين الذين باتوا يتوافدون عليه من مختلف انحاء العالم بعد ادراج الاهوار على لائحة التراث العالمي عام 2016.

واوضح حسن وهو خريج عاطل عن العمل امتهن حرفة صيد الاسماك ان “مناطق اهوار الجبايش (90 كم شرق الناصرية) ما زالت تفتقر لأبسط المتطلبات الحياتية ولاسيما الخدمات البلدية والطرق المعبدة والمدارس النظامية والمؤسسات الصحية ناهيك عن الرعاية البيطرية للثروة الحيوانية”، مبينا ان “قضاء الجبايش يضم اكثر من 35 الف رأس جاموس ولا يتوفر فيه مستشفى بيطري ولا مصنع للأعلاف وحتى مصنع الالبان الذي انشئ منذ نحو 15 عاما على يد الايطاليين لم يجرِ تشغيله ومازال معطلا».

واشار حسن الى ان «القضاء الذي يحتل المركز الاول بتربية الجاموس على مستوى العراق ليس فيه سوى مستوصف بيطري فقير وبعيد عن مربي الجاموس كونه يقع في مركز القضاء وقرب الدوائر الحكومية وسوق المدينة وهذا ما يعيق مراجعة مربي الجاموس مع جواميسهم الى المستوصف المذكور»، منوها الى ان «سوء التخطيط كارثي في مشاريع الاهوار فمحطة تكثير الجاموس مثلا تم انشاؤها في ناحية البطحاء التي تبعد 150 كم عن قضاء الجبايش وتقع على اطراف الصحراء بدلا من انشائها في مناطق الاهوار التي تشتهر بتربية الجاموس».

مبينا ان “الحكومة المحلية منحت رخصة استثمارية لإنشاء معمل للأعلاف الا ان المعمل لم ينتج اي شيء وهو حاليا عبارة عن موقع خرب بعد ان رفع المستثمر معظم منشآت المشروع”، مؤكدا ان “قضاء الجبايش تتوفر فيها الثروتين السمكية والحيوانية فضلا عن توفر المواد الطبيعية لصناعة الورق والاعلاف لهذا هو بحاجة الى مصانع للحليب والالبان واخرى لتعليب الاغذية وصناعة الورق وغيرها من الصناعات ولاسيما الحرفية التي تشتهر فيها اهوار الجبايش”.

وعن مستوى الخدمات البلدية قال حسن ان “الخدمات البلدية تقتصر على مركز القضاء فقط ولاسيما اعمال التنظيف”، منوها الى ان “حملات التنظيف تخضع لتأثير مواقع التواصل الاجتماعي فالمنطقة التي تنشر عنها صور في الفيس بوك أو غيره من المواقع الالكترونية حول تراكم النفايات يمكن ان تتوجه لها سيارات البلدية لتلافي الفضيحة”.

وكان محتجون غاضبون قد اغلقوا منتصف آذار 2021 مبنى قائممقامية قضاء الجبايش احتجاجا على نقص الخدمات ورفض تكليف مدير بلدية القضاء بتولي منصب القائممقام خلفا للسابق الذي توفي قبل عدة اشهر.

وبدوره عزا رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الاسدي اسباب تراجع مستوى الخدمات في قضاء الجبايش لجملة من الاسباب واوضح لـ(المدى) قائلا ان “معظم المشاريع التي جرى تنفيذها في مناطق الاهوار في السابق خضعت لاعتبارات شخصية وسياسية ومناطقية من دون مراعاة الاولويات وحاجة المنطقة والجدوى الاقتصادية ناهيك عن سوء التنفيذ”، مشيرا الى ان “جميع محطات تحلية المياه التي أنشأتها الدوائر المعنية ضمن مشاريع انعاش الاهوار لا تعمل حاليا فهناك اكثر من 10 محطات تحلية تعطلت بعد شهر من الاعلان عن انجازها”.

واضاف الاسدي ان “سكان قضاء الجبايش لا يحصلون على الماء الصالح للشرب من مشاريع الماء الحكومية كون المياه رديئة وملوثة وتفتقر للمعالجة الصحيحة التي تجعلها صالحة للشرب كالكلور والشب وغيرها من مواد التصفية والتعقيم”، منوها الى ان “معظم سكان الاهوار يضطرون لشراء الماء من الباعة المتجولين”، مبينا ان “ماء الشرب في مناطق الاهوار بات مقابل ثمن يدفع للقطاع الخاص”.

وعن الواقع الصحي قال رئيس منظمة الجبايش ان «البنى التحتية للقطاع الصحي متهالكة والملاكات الطبية والصحية قليلة جدا وغير كافية»، مبينا ان «المستشفى الحالي متقادم ويعود انشاؤه الى سبعينيات القرن الماضي ولا يتسع الا لـ 12 سريرا وهذه لا تستوعب سكان القضاء البالغ عددهم 70 الف نسمة».

واضاف الاسدي ان “كادر المستشفى لا يضم سوى بضعة اطباء مقيمين وممارسين ومن غير الاختصاص وهو يفتقر لمعظم الاختصاصات الطبية ولاسيما في مجال الانف والاذن والحنجرة والتخدير وغيرها”، واستدرك ان “المستشفى فيه فقط اختصاصية نسائية واحدة وان اجراء العمليات في المستشفى يكون وفق قوائم ومواعيد مسبقة وعندما تكون الطبيبة في اجازة تتوقف العمليات النسائية وهو ما يعرض النساء المريضات والحوامل الى الخطر”.

ويرى رئيس منظمة الجبايش ان نتائج ادراج اهوار الجبايش ضمن لائحة التراث العالمي لم يظهر منها شيء على أرض الواقع مبينا ان «مناطق اهوار الجبايش لم تشهد اي تغيير يذكر بعد انضمامها الى لائحة التراث العالمي، فالحكومة لم تقدم حتى الان اي برنامج او مشروع للنهوض بواقع الاهوار وتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان المحليين»، واردف ان «كل ما تم تقديمه لسكان الاهوار هو عبارة عن وعود غير حقيقية “.