حاورته: ضحى عبدالرؤوف المل
إن الرسام يرسم كي ينجو هذه كانت وجهه نظر الفنان الاسباني بيكاسو عن دافعه للرسم ،
ولعل جميع الرسامين في العالم كما أظن أنا شخصياً لا يخرجون عن هذه القاعدة والتأثير طبعاً سيكون بكمية ما صنعه أو ما يرسمه الرسام على لوحته أما عن التأثر والتأثير قد لا يكون مجدياً ، إذا ما ساهم هذا في إضعاف قدرة الرسام عن التعبير عن ذاته في سبيل الرضا أو التأثير على المتلقي، على الرغم من أن الكثير من المدارس الفنية اهتمت بجعل الفن وسيلة من وسائل التأثير الاجتماعي بخصوص ما تفننت فيه بعض الأنظمة الاشتراكية والشيوعية وجميع الأنظمة الشمولية حيث جعلت الفنان إحدى وسائل تلك الأنظمة في خدمة خططها، وهنا لا بد من الإشارة أن كل فنان أو أغلب الفنانين لهم طموح الشهره والظهور والانتشار الإعلامي وما يتبع ذلك من قدرته على التأثير ، إلا أن الفنان” ثائر العرداوي” مؤمن أن الرسام لا بد له من أن يستمر بالرسم كي ينجو ومعه أجرينا هذا الحوار
ألوان داكنة بمجملها رغم الأزرق والأبيض هل توحي بتجهم واقعنا العربي؟
إن الألوان عنصر أساس من عناصر العمل الفني ولا بد لها من التوظيف لكي تخدم الغرض الذي يقصده الفنان، وتوظيفي للألوان الداكنة لانها فعلاً تفيد بالإشارة الى عتمة الوضع وضبابية الأشياء أو الاحتمالات المتعلقة بالمرحلة التي نمر بها. ويعتقد إنها تخدم الواقع بسبب ما نمر به من أزمات وأوبئة و الكثير الكثير من المشاكل التي يطول الحديث عنها . إلا أنني أصر على توظيف الألوان الداكنة و هي صرخة مني ضد هذا المأزق الذي نمر به، و الذي سمي مجازاً بالواقع العربي، إني أصر أيضاً على وضع بعض الألوان الفاتحة إيماناً مني بقدرتها على التغيير والعبور الى واقع أفضل.
الوباء في الفن ليس بالجديد لماذا اخترت البساطة السريالية بعيداً عن التعقيد الكلاسيكي في هذا الفن؟
إن الاتجاه الفني أو المدرسة الفنية ما هي إلا وسائل يستخدمها الفنان من أجل إيصال فكرته، الفنان لايعشق المدرسة أو الاتجاه الفني قدر عشقه أن يكون صادقاً في التعبير عن ذاته هو أن الفن في أساسه وبكل التجريد والحيادية ما هو إلا وسيلة من وسائل التعبير التي يحاول الفنان أو الرسام توظيفها من أجل نقل ما يشعر به أو ما يحس به الى قطعة القماش أو الورق التي يتناولها موضوعه،إن ما تفضلت به من اعتماد اتجاه السريالي البيسطة ما هي إلا وسيلة يتبعها الفنان لخدمه فكرته ببساطة بعيدا عن التعقيد.
في زمن الصورة والفن أو المعارض الافتراضية ماذا تقول وكيف تجد الإقبال على الفن التشكيلي تحديداً؟
إن المعارض الافتراضية ووسائل النشر الالكتروني وتطبيقات الاتصال و التواصل الاجتماعي أراها و على المستوى الشخصي فرصة كبيرة للفنان من أجل البروز والتدفق الى عوالم من الانتشار لم يكن يحلم بها الفنان في أوقات سابقة ، وعلينا نحن كمجتمع إنساني أن نساهم في تعميق هذه التجربة وفتح الابواب أمام المبدعين ليقدموا أنفسهم احسن تقديم من خلال هذه البحبوحة الكبيرة في مجال النشر والتواصل والاتصال ، إلا أنه من جانب آخر اعتقد أن هناك الكثير من الفرص التي لم تزل غير متاحة خصوصاً في عالم الفن التشكيلي، ولعل هذا مايشبه القطيعة الحضارية وضعف سوق الأعمال الفنية في عالمنا العربي، و عدم القدرة على طرح منتج تقني يهتم به الفنانون والرسامون والمبدعون العرب، إلا أن الباب ما زال مفتوحاً أمام أي تجربة ناضجة تهتم بالنهوض بواقع الفن بصورة عامة والفنانين التشكيليين بصورة خاصة.
تحليل بصري للواقع الطبي والعلمي في مواجهة كورونا هل تسخر من ذلك من خلال الفن ؟
على الرغم من أن السخرية إحدى الوسائل المباحة للفنان في التعبير ، إلا أني في الحقيقة كنت مهتماً في إظهار مقدار التضحيات والألم الذي يقدمه الجيش الأبيض في مواجهة هذا الوباء. إني مؤمن بأني كفنان جزء من هذا المجتمع لا انفصل عنه راسخ في تراثه لا طارئ عليه وأحاول من خلال الفن أن أُزيد من كمية الجمال التي يحصل عليها المجتمع خدمة لغرور الفنان الذي يرغب في أن يكون مهماً حاله حال أي إنسان.
رميت الكمامة على الأرض وتركت الراس مدحرجاً في لوحة لك هل تشعر بالأمن الصحي السيئ لهذه الدرجة ؟ وأين الأمل بالواقع الصحي من خلال الفن ؟
هل تعتقدين أن الكمامة هي أيضاً قناع وأن إسقاطها يعني الكشف عن ما تخفيه وجوهنا المتعبة، لقد كشف الوضع الوبائي عن عجز حقيقي في مؤسساتنا الصحية ولعله لو أصاب المؤسسات الأخرى لكشف عن عجز أكبر وأنا في الحقيقة متعاطف مع الأطباء والمؤسسات الصحية و الكوادر البشرية فهي التي في النهاية تحملت هذا الوباء الخطير وهو تحدٍ مصيري يضعنا أمام واقعنا وأمام أنفسنا، وما نستطيع أن نقدمه لأنفسنا و المجتمع والعالم، إن اللعن والسخرية والتغاضي عن المشاكل ليس حلاً بل يكون سبباً في سقوط رؤوسنا جميعاً بدل رأس الدمية ، إن إحدى وظائف الفنان الأساسية هي أن يقوم بنشر الأمل بالحياة لأنها حق أساس لكل إنسان وأن من يقف في وجه هذا الحق هو الذي يجب أن يسقط رأسه لا رؤوسنا نحن.