علي الياسري
تنبثق من فيلم المخرج الشاب حسين الأسدي الوثائقي (لم تكن وحيدة) صورة النضال اليومي الحياتي الذي تخوضه المرأة العراقية مع ما يحمله وضعها من قصور النظرة المجتمعية الساعية لتهميش إمكاناتها في الفعل المثابر لمجرد أنها امرأة،
إذا كان للفيلم من ميزة ظاهرة للعيان فهي تلك الروح النقية لفاطمة المتناغمة مع طبيعة الحياة البرية في الأهوار، قدرتها على التمازج معها وصناعة عالمها الخاص يأخذنا الى ألفة محببة تعيد الكثير لروابط الإنسان مع الطبيعة وإمكاناتها في تهذيب النفوس وتثوير مكامن الانجاز بداخلها. طاقتها الإيجابية في المثابرة درس للقدرة الهائلة المنظورة من المرأة العراقية والعربية بشكل عام في تحدي الكثير من المشاق والصعوبات، يختزل حسين بكفاءة تناسب مع كون فيلمه قصير تفاصيل اليوم عند السيدة فاطمة حين عوضت انفراط عقد الأسرة عنها بعد أن تحملت واجب رعايتهم فملأت روحها بتواصل مستدام مع دوابّها ودواجنها وحتى قصب الهور. إنهم شركاءها الذين لا تخشى رحيلهم المفاجئ ولا النكران، كمحاولة أولى لتقديم الوثائقي القصير يقترب المخرج من غايته في عرض المحتوى لفيلمه رغم أن بعض اللمسات كان يمكن لها أن ترفع من مستوى الفيلم أكثر، مثل التقليل من تدخلات الموسيقى على العديد من المشاهد وتعويضها بتسجيل واضح لصوت الحياة المجاورة لفاطمة بالهور، أو استخدام تسجيلات تراثية تنتمي للبيئة المعالجة بالفيلم. سيكون ذلك أكثر تكامل مع رؤية الرصد الوثائقي وفكرته، هناك حاجة أيضاً لأطالة الزمن لبعض المشاهد مع تنويع اللقطات والاقتراب بصرياً من نشاط الأيدي والجسد كطاقة هادرة تتحدى نظرة المجتمع وصعوبات المكان تُعبر عن روح الشجاعة التي ذكرتها فاطمة بحديثها، إنها غايات ملحة لتمعن أكثر تفصيل لأبرز ملامح وجود الشخصية اليومية.
يُحسب لحسين الأسدي قدرته في (لمن تكن وحيدة) على الإمساك بروح الحياة التي تعيشها فاطمة وطرح مكابدات المرأة العراقية والتي يحلينا فيها ذكاء العنوان الى اختيارها بسعادة رفقة حيواناتها على العيش وسط النظرة القاصرة الذكورية.