علي حسين
والآن السيد جمال الكربولي، معتقل بتهم فساد مالي، الأمر ليس مزحة، ولا محاولة لاستغفال القرّاء، لكن، حقيقة يتابعها المواطن العراقي من على شاشات الفضائيات وفي مواقع الأخبار..
وقبل هذا التاريخ كان السيد الكربولي قد أتحفنا قبل عام بعدد من التغريدات على تويتر يشكو فيها حال البلاد وطالب بـ"عظمة لسانه" باعتقال الفاسدين، حتى يسترد العراق أمواله من جيوب المفسدين الذين خربوهلعل أسوأ أنواع الخطباء، من يتصور أن الناس لا تملك ذاكرة، ولهذا تجده فاقد الإحساس والخجل، ويفعل ما يشاء، دون أن يقول له أحد يارجل كان بإمكانك أن تعيد أموال الهلال الأحمر أولاً، وأن تكشف الفساد في وزارة الصناعة التي حولها شقيقك أحمد الكربولي خلال أربع سنوات إلى شركة خاصة، قبل أن تتحدث عن جيوب المفسدين
طبعاً من حق جمال الكربولي أن يشكو من ظلم الفساد ، كما أن من حق النائب محمد الكربولي أن يشكو من ظلم الأحباب من قادة البلاد الذين سهلوا لعائلة الكربولي أن تصبح على قائمة كبار الأغنياء، ومهدوا لها السبل لنهب وزارة الصناعة، ولكن الأهم من هذا كله هو حق الشعب في أن يعرف من الذي سرق أمواله ومستقبل أبنائه. السؤال الجوهري لم يكن هو: هل جمال الكربولي سيطلق سراحه أم ستتم محاكمته؟، ولكن السؤال هو: كم مسؤولاً متهماً بسرقة أموال البلاد؟ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ من الذي يتحمل مسؤولية ضياع مئات المليارات من الدولارات في مشاريع وهمية؟. ونريد كشعب أن نعرف أليست هناك ملفات فساد كثيرة لم يقترب منها أحد حتى هذه اللحظة لا لشيء إلا لأنها تمس أشخاصاً تحرص الدولة على عدم الاقتراب منهم، بل أن البعض ممن ملأ الفضائيات أغاني وحكايات عن النزاهة والشفافية، حيث تحول الفاسد والمرتشي إلى خطيب مفوّه عن الفضيلة والأمانة، وقد تعلمنا، من الخراب الذي يحاصرنا منذ سنوات، أن المسؤول والسياسي العراقي، ما إن يجلس أمام المايكروفون حتى يتراءى له، أنه مصلح اجتماعي.
لكنني، أنا المواطن العراقي الذي يتمتع بخيرات "الشهرستاني"، أمضي سنوات العمر متسائلاً عن أسباب صمت مسؤولينا وساستنا عن الكوارث التي مررنا بها خلال الثمانية عشر عاماً الماضية، لماذا ياسادة نحن أبناء البلاد الوحيدة التي تعتقد أنّ موت أبنائها وإفقارهم وتشريدهم مؤامرة أميركية يجب معالجتها بالصواريخ ، وليس بالعمل والمثابرة وبناء الوطن .
ايها السادة ، المشوار طويل والقضاء لم يقل كلمته بعد في ملفات خطيرة للنهب ، والأهم أن الناس لن تقبل أن يغلق ملف الفساد باعتقال جمال الكربولي، بل المطلوب حملة لاعتقال كل من سرق أموال العراقيين وأحلامهم بشعارات وخطب كاذبة.