علي حسين
منذ سنوات وبدافع "التباهي" بالمعرفة، صدّعت رؤوسكم بتجارب الشعوب، فتجدني أرطن بأسماء سنغافورة وماليزيا وطوكيو، وأتذكر كيف كانت الإمارات قبل خمسين عاماً، وكيف أصبحت اليوم ، وكان بعض القرّاء الأعزاء يهزّون أيديهم بالتأكيد كلما حاول"جنابي" أن يحشر اسم اليابان أوالمانيا في عموده اليومي وهم يقولون بالتأكيد:
لقد أضجرتنا بأحاديثك العجيبة عن بلدان أصر قادتها على تحويل ملايين الفقراء إلى الرفاهية الاجتماعية. ياسادة هذا ما يفترض أن نكتب عنه. تأملوا حياتنا، فعمّاذا نكتب؟ عن غياب العدل، ورائحة الخديعة التي تخرج من أفواه المسؤولين؟.ام بكاء مشعان الجبوري على اطلال الاصلاح ، من اجل ان يضع ابنه يزن على كرسي السفارة .
مات رئيس وزراء سنغافورة لي كوان قبل أعوام بعد أن ترك وراءه بلاداً صغيرة لكنها تنعم بالاستقرار والرفاهية، وبمنافسة كبرى مع الدول على المراكز الأولى في سعادة الإنسان، جاء الرجل النحيف من جزيرة غارقة في الأمراض والتخلف والعوز، طلب من الناس أن تعمل لا أن تهتف له، أغلقَ السجون وفتح المدارس، وطبّقَ حكم القانون لا حكم دولة القانون، لم يفضّل طائفة على أخرى رغم أن سنغافورة متعددة الطوائف والأعراق، فقط أراد من الجميع أن يتساووا في الحقوق والواجبات.
في كل عام ينشر مؤشر جودة التعلیم العالمي تقريره الأخير، لنجد أنّ سنغافورة تحصد المرتبة الأولى.. وماذا عن العراق البلاد التي علّمت البشرية الكتابة، يخبرك أصحاب التقرير، من المتآمرين طبعاً على التجربة الديمقراطية الرائدة في العراق، أن بلاد الرافدين ومعها "الدول العظمى" السودان والیمن والصومال دول غیر مصنفة أصلا،لأنها دول لا تتوافر فیها أبسط معايیر الجودة في التعلیم.
ولم نفِق من المؤامرة الإمبريالية التي تنكر علينا أنّ عالماً "جليلاً" مثل علي الأديب وضع أسس التعليم العالي، وأن علاّمة نووي مثل حسين الشهرستاني أكمل المسيرة بكلّ حرفيّة، حتى خرجت علينا منظمة "عميلة" أخرى هي منظمة الشفافية العالمية التي وضعتنا في سلّم الدول الأكثر فساداً إدارياً ومالياً، فيما وضعت سنغافورة في المراتب الأولى بين الدول الأكثر شفافية ونزاهة.
أمضينا الثمانية عشرَ عاماً الماضية في معارك إعلامية، تقودها منظمات أجنبية، غايتها تقديم تحقيقات استقصائية تقول بالوثائق إنّ هناك شبهات فساد في معظم مؤسسات الدولة العراقية، وإن معظم السياسيين استولوا على عمولات تُقدَّر بعشرات الملايين من الدولارات. هل هي مؤامرة؟ بالتأكيد، وتقودها الإمبريالية التي اغاظهما أننا منحنا "بروفيسورة " بحجم عالية نصيف كرسيّاً دائمياً في البرلمان!..
يقول البعض يالك من كاتب رعديد تنسى أننا في بلد تتحوّل محافظاته كل يوم بقدرة وكفاءة مسؤوليها إلى محافظات "مقدسة"، مسموح فيها سرقة المال العام، وتفشي الرشوة والمحسوبية ومعها المخدرات "الصديقة"، وممنوع فيها صوت الموسيقى والغناء لأنها رجس من عمل الشيطان!.