علي حسين
أيها المواطن العراقي الذي تحاصره أخبار الانتخابات المبكرة، وضجيج التحالفات السياسية، ونصيحة صالح المطلك بأن يبقى الحال على ما هو عليه " لأن اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه"، أيها المواطن، إذا كنت مستعداً لتصديق أكذوبة أن أشخاصاً خدموا في بلاط الطائفية منذ عام 2003، يستطيعون أن يشكلوا أحزاباً وتيارات يكون شعارها الوطن للجميع، فهذا يعني أنك تتلذذ بأن تعيش دور المخدوع، الذي أدمن على خطب وشعارات منتهية الصلاحية.
ثمانية عشر عاماً لم نسمع خلالها سوى بيانات ومؤتمرات تندد بالطائفية وتشتم الطائفيين، وكلما أمعنوا في الكلام عن دولة العدالة الاجتماعية والمساواة التي سيعيشها الناس على أيديهم، كانت المصائب والمآسي تصب على رؤوس العراقيين، لنصحو جميعا على دولة يعيث فيها الخراب.
من ينسى صراخ النجيفي وهو يحذرنا من النزعات الطائفية الضيقة؟، ولعل كلمات المالكي لا يزال صداها يتردد في الفضاء حين طالبنا جميعا بأن لا نصغي إلى الحكومات التي تنفث في نار الطائفية.. اليوم تثبت الوقائع أن النجيفي كان يضحك علينا، وأن المالكي كان يشحذ الهمم للدفاع عن كرسيه.
وسيسأل سائل ما الضير أن تندمج أحزاب وتتحالف تيارات لتشكيل كيانات سياسية تسعى للحصول على السلطة من خلال صناديق الاقتراع؟ أليست هذه الديمقراطية التي تتحدثون بها وتكتبون عنها؟، وسأقول إن كل ممارسة سياسية سلمية أمر مرحب به ما دامت لا تستخدم العنف والخديعة طريقاً للحكم، لكن المطلوب أولاً، وثانياً، وثالثاً، أن تُبنى هذه التكتلات على أرضية وطنية خالصة، لا على مربعات وخنادق طائفية.
لقد ظل سياسيونا مصرين على اعتقال إرادة العراقيين داخل أسوار الطائفية والإحساس بالخطر من الآخر، وافتعلوا أزمات سياسية محبوكة، بالتوازي مع إشاعة أفلام الرعب من الخطر الخارجي الذي يحيق بأبناء الطائفة، مراهنين على أن المواطن سيلغي عقله، وينصرف تماماً إلى البحث عن غطاء طائفي يحميه من غدر الآخرين.
منذ انتخابات 2006 وبعدها انتخابات 2010 وانتهاء بانتخابات 2018 التي جرى تخطيطها وتصميمها طائفياً، اكتشف الناس، ولو متأخرين، أن سياسيي الطوائف لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيرياً مضحكاً وأن مرشحيهم كانوا يخبئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الشخصية العراقية.
إن خفافيش الطائفية، هم جميعاً من أفسد وسرق ونهب وقتل على الهوية، لا فرق بين سياسي طائفي فالجميع شركاء في تخريب الوطن وسرقة أحلام الناس.
التغيير ليس انتخابات مبكرة فقط، بقدر ما هو تفكيك بنية فاشلة ترى في كرسي الحكم حقا شرعيا، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات ، بينما يبقى الخراب والفشل يحتلان أركان الوطن .