اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حريق ابن الخطيب وحريق الوطن

العمود الثامن: حريق ابن الخطيب وحريق الوطن

نشر في: 25 إبريل, 2021: 10:46 م

 علي حسين

هل هي مصادفة أن يحترق مستشفى ابن الخطيب بسبب غلو الانتهازية وغياب الضمير ، مثلما أُحرق الكاتب والوزير الأندلسي ابن الخطيب بسبب غلو مدعي الدين وتقلبات انتهازيي السياسة ؟ كان ابن الخطيب يريد أن يملأ الدنيا حكايات في العشق والتسامح، مصراً على أن كل غلو سيؤدي حتماً إلى الخراب .

لعل الأقسى من الصور المؤلمة لضحايا مستشفى ابن الخطيب ، هي صورة وزير الصحة حسن التميمي وهو يهبط من طائرة هليكوبتر عسكرية في محافظة ديالى ليتابع الوضع الأمني هناك في نفس يوم حريق المستشفى . والأقسى من الموت داخل مستشفىحكومي، أننا نجد الوزير يرفض حتى الاعتذار أو الاستقالة، والأقسى من كل ذلك أننا من جديد نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنّ المواطن بلا ثمن، ولا أهمية، مجرّد رقم يضاف إلى سجلات الموتى، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في بؤس مستشفيات بلاد تصدر يومياً أكثر من أربعة ملايين برميل نفط، مثلما لا يحق لكم أن تسألوا لماذا لم يتم اعتقال الوزيرة المؤمنة عديلة حمود بعد أن أكلت النار عشرات الأطفال الرضع في مستشفى اليرموك قبل أعوام .

في بلاد تتحول فيها مؤسسات الدولة إلى شركات مساهمة تديرها الأحزاب والعصابات ستجد من يحاول الضحك على عقولنا، بأنّ ما جرى مجرّد إهمال أو خطأ غير مقصود. في بلاد سياسيي الصدفة، لا أحد يريد أن يطمئن سكان مستشفى الوطن على حياتهم ومستقبل أبنائهم.. فردهات مستشفى البلاد مسكونة بأشباح سياسيين ومسؤولين مهمتهم الأولى الاقتصاص من الشعب، لا مكان آمن، ولا أوكسجين نقي ولا أمل بالشفاء ننتظره، فيما حيتان الفساد والطائفية يحملون مباضعهم لتشريح ما تبقى من جسد الوطن.

ماذا سيفعل وكلاء الوطنية العراقية اليوم وهم يرون مستشفى البلاد في طريقها إلى الحريق الكبير، وما هو موقف الذين يصرخون ليل نهار لإنقاذ اليمن ونصرة نساء البحرين؟ . إذا كانت أرواح ضحايا مستشفى ابن الخطيب لم تهدأ منذ كارثة السبت، ولم يشفِ القضاء غليل أهاليهم، فإن المواطن المغلوب على أمره مثل "جنابي" يحق له أن يسأل متى يطمئن سكان المستشفى الكبير على حياتهم ومستقبلهم، في وقت يصرّ فيه ساستنا الأشاوس على أن يمضوا بنا فى سرداب مظلم تتصارع فيه المصالح وحيتان الفساد، فيما المواطن المسكين حائر تتخبط به اشباح الفساد وعفاريت السراق ، بينما لا مكان آمن هناك ولا ضوء بعيد نهتدي به وإليه، باستثناء خطب عن التقوى والفضيلة ، وبأن ابناء العراق مكتوب عليهم ان يكونوا طلاب آخرة وليس طلاب دنيا وعمل وحياة سعيدة .

سيذهب ضحايا مستشفى ابن الخطيب مثل ضحايا الكرادة وقبلهم سبايكر وجسر الأئمة وعشرات الكوارث من دون شعور بالأسى والغضب. لقد اعتدنا الموت المجاني .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: نائب ونائم !!

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram