اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > فـي ذكرى رحيله ..عبد الإله أحمد من زوايا قريبة

فـي ذكرى رحيله ..عبد الإله أحمد من زوايا قريبة

نشر في: 22 مايو, 2010: 05:47 م

د.نادية غازي العزاوي مرّت قبل أيام الذكرى السنوية لرحيل عبد الإله أحمد من غير إشارة أو استذكار وهو أمر يؤسف له (1)، ولاشكّ في أنّ تاريخنا القريب والبعيد مفعم بالنسيانات التي طالت كثيراّ من الكتّاب والأدباء ،وحين تفتّش في هذه الذوات المقصيّة تعثر على قواسم مشتركة بينها ،منها :
الاغتراب عمّن حولهم ،الصراحة الحادّة ،الصلابة في المواقف حيث لامرونة ولا وسطية ،فضلا عن تمرّدهم على السائد والمعتاد.... إلخ ،ولكنّ هذه الشخصيّات غالباً ما تخفي  وراء حدّة مظهرها فيضاً من العواطف تعلن عن نفسها في كلمة حانيّة أو ربما حتى دمعة حين يستدعي الأمر ذلك ،شخصيات بمثل هذه المواصفات يسهل وقوعها في حالة مركبة من سوء الفهم،عبد الإله أحمد من هذا النمط ،عاش ومات منفعلاً مع الآخر بسبب من ملابسات سوء الفهم وتبعاته :سوء فهمه للآخر من جهة ، وسوء فهم الآخر له من جهة أخرى.rn-1-عبد لإله أحمد (الإنسان) المفتاح الذي تترتّب عليه كل النعوت الأخرى المكمّلة ، أعني : الباحث والناقد والأستاذ والأكاديمي....إنه الإنسان الذي عليك أن تتقبّله بتناقضاته ومشاكساته ولا تعترض ،عليك أن تتقبّله هكذا بهذه الكتلة المتجانسة أو غير المتجانسة، من هذه الكتلة التي قد نختلف في أحكامنا عليها-إذا جاز للبشر إطلاق الأحكام على بعضهم- تجلّـت لي إنسانيّته في جملة مواقف ،هي حصيلة مرحلة طيبة من التلمذة عليه، تلمذة امتدّت فصارت صداقة إنسانية وثقافية مع حفظ اللقب والرتبة والمكانة .قال لي يوماً في بعض حواراتنا المتشعّبة – وحرب الشوارع والجثث المرميّة على الأزبال تخنق أيّ منفذ لأمل او طعم لحياة- قال : - أنا لم أياس بعد ُ من العراقيّ، ولن أنفض يدي منه ،فما زلت أراهن على الورقة الرابحة ، على الجوهر العراقي الذي يتوهّج فجأة في أحلك الظروف ومن حيث لا تتوقّع، نعم لقد اشتغلوا علينا طويلا في الداخل والخارج، لتحطيم هذا الجوهر وطمسه: بالقتل والحصار والحروب والتزييف والتجهيل والتجويع والتركيع والتهجير والتغريب، حتى نجحوا في تشويه المتن كثيرا،ولكن ندّت عنهم وقاومتهم مساحات منه ،هي  التي أراهن عليها ،هذا الجوهر المسنود بإرث تاريخي عريق أذكى من أن ينساق إلى حروب أهلية،إنّ العراقي كائن مسكون بحبّ الحياة مثلما هومسكون بالسياسة من الولادة حتى الممات ،فهو يعي كواليس اللعبة القذرة ، ولن تنطلي عليه الأقنعة والأدوار الجديدة .كيف سيتجلّى هذا الجوهر؟ومتى؟وأين؟وبأيّة طرق؟لا أملك إجابات محدّدة، ولكني أملك قناعة أقرب إلى اليقين امتحنتها ظروف الواقع العراقي الذي خبرته جيداً لنصف قرن.rn-2-يمثّل عبد الإله أحمد صاحب المشروع التأسيسيّ في نقد القصة العراقية الذي أشاد لها عمارتها –على حدّ تعبير علي جواد الطاهر في بعض إهداءات كتبه له- أنموذج المثقف العراقي التقدميّ المهدور الذي تعاورت على تضييعه ظروف عامة وشخصية ،نجحت في تثبيطه وتحجيم إنجازه وصولاً الى مرحلة الصمت /الموت،عوامل كثيرة أسهمت في هذا:الواقع العراقي الساخن بانقلاباته وثوراته الدموية ،وقلق الأسئلة الفكرية والثقافية المفصلية تقضّ مضجع المثقف التقدميّ المحاصر بمؤامرات إقليمية وغربية تسعى بقوة الى تحطيمه والإجهاز على توجّهاته الفكرية التي آمنت بالأدب للحياة ،وبالكلمة من أجل التغيير،لقد تفتّح وعي هذه الأجيال من أبناء الطبقة الوسطى المتطلعة إلى النهوض الثقافي في الخمسينيات والستينيات ،وتشكّلت ذائقتها على قراءات واعية للتراث العربي والعالمي في الشعر والقصة والمسرحية ،وفي أجواء من الحرية النسبية أتاحت إرساء تقاليد حضارية وثقافية متميزة اسفرت عن نشاط ملحوظ في حركة المكتبات والمقاهي العصرية ودور السينما،فضلاً عن الجامعات العربية والعالمية العريقة التي أرسلوا إليها في زمالات وبعثات دراسية في مختلف العلوم والمجالات،كانت ثمارها مواسم وارفة بالعطاء في العمارة والرسم والنحت والترجمة والتمثيل والنقد والرواية، وغيرها . ولكن هذا المشهد الذي كان يمور  بالتآليف والمعارض والعروض والمناقشات ، سرعان ما تفجّر على خلفية أحداث سياسية دامية تصادمت فيها أجيال من المثقفين متورطين حتى النخاع بالتجربة السياسية بانتماءات حزبية منظّمة أو بميول وطنية حرة ، فكانت السجون وكانت المجازر والمنافي والحصيلة النهائية مثقفون مصلوبون على مفترق خيارات مرة: الغربة أو الصمت أو الانصياع لأحابيل السلطة والقبول بغسيل الأدمعة ، أو –في أحسن الأحوال- المراقبة بانتظار الذي يأتي ولا يأتي ،كان موقف  د.عبد الإله  أقرب الى الخيار الأخير ،فلم يكمل المتابعة المنهجية الدقيقة لمستجدات الرواية والقصة العراقية وهي تدشّن تيارات وأساليب جديدة لم يكن مقتنعا بها كثيراً ولا بجدواها، بل كان مرتاباً في تطرّفها في عزل الأدب عن سياقاته الاجتماعية ،وإن كان –في الحقيقة- لم يكفّ عن قراءة الإصدارات الجديدة ،ولكنه توقّف فعلياً عن الكتابة عنها ،كان يرى في كثير ممّا يصدر كمّاً مجرّدا ًيؤشّر تراجعاً في نوع ودرجة الإبداع ، وهو جزء من تراجع مجتمع كامل بسياقاته وأنساقه الحضارية،ومثله الأعلى في تقييماته النقدية الأعمال الروائية وا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram