TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: خسارتنا الكبرى

مجرد كلام: خسارتنا الكبرى

نشر في: 26 إبريل, 2021: 09:57 م

 عدوية الهلالي

منذ سنوات طويلة ، ونحن نتوحد ونتفق فقط أمام الفواجع ومشاعر الحزن..ولأن الكوارث والمآسي تتكرر باستمرار والفاعل مجهول على الأغلب والضحايا من كل الأطياف ، فلاشيء يدعو بعد الآن للتفكير بأسلوب طائفي والانحياز لطرف ما او الانتماء لجهة من الجهات مهما كانت النوايا والأهداف التي تنادي بها ، ذلك أن المصيبة أكبر من مجرد حوادث مفتعلة يختبئ خلفها قتلة بلاضمير أو بنى تحتية متهرئة بسبب الاهمال والفساد الحكومي ..

المصيبة إننا وقعنا بين فكي كماشة لاخلاص منها يحركها المتكالبون على المناصب والزاحفون الى الانتخابات بأيد ملوثة وقلوب ميتة وكأنهم على وشك أن يخوضوا حروبا شخصية لامكان لمصلحة البلد وأهله فيها ..

سنوات مرت ونحن ندوس على جثث الضحايا لنصل الى الانتخابات ، وعندما نصل الى صناديق الاقتراع نجد أننا عدنا الى نفس الدوامة وأعدنا نفس الوجوه الى الساحة ، والمصيبة أن تلك الوجوه الكالحة والأيدي الملوثة بدم الضحايا تعود لتنادي بأهداف مبهرجة وتطلق وعوداً كاذبة فهل نعود لنصدقها ؟..منذ سنوات ، ونحن نواجه كوارث غريبة تقف خلفها ظروف مفتعلة وقتلة وهميون ..لم يحدث يوماً إن عرفنا الأسباب الحقيقية لواحدة من تلك الكوارث بل كان علينا أن نقتنع بان غرق بغداد وقت الأمطار كان بسبب صخرة ، وحرائق الحنطة والأسواق التجارية وطوابق الوزارات والدوائر وأجنحة المستشفيات كان سببها تماس كهربائي بل إن ضياع مواسم كاملة من الثروة الحيوانية كانت بسبب التسمم ..وكان علينا أن نصدق بأن كل المتظاهرين العزل الذين سفحت دماؤهم في ساحات التظاهر كانوا معادين لاستقرار الوطن وأن المغيبين من المدنيين كانوا من أبناء السفارات ، بل علينا أن نؤمن بأن إقالة وزير أو إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق مسؤول فاسد هو علاج لنكباتنا في الوقت الذي تمسك أطراف أهم وأخطر بخيوط اللعبة ..تلك الأطراف التي تجيد ابتكار الأزمات في كل مرة لتغطي على آثار فسادها وتقصيرها وفضائحها ..تلك الأطراف التي سواء احتلت المناصب العليا أو سعت الى العودة إليها فهي لاتغير شيئا في بنية البلد التحتية ولاتلبي احتياجات أبنائه ، وبالتالي ، تتواصل الكوارث وتستمر الاحتجاجات الغاضبة ولاسبيل الى إيجاد حلول حقيقية لها لأن اللعبة مستمرة واللاعبون يزدادون ضراوة وإمعاناً في القتل وضمائرهم تزداد غيبوبة ..أما نحن ، “فالموت ليس هو خسارتنا الكبرى –كما يقول الماغوط- بل إن الخسارة الكبرى هي مايموت فينا ونحن أحياء” ،وهاقد صار الموت بالنسبة لنا أقرب من حبل الوريد ،ولم يعد مستغرباً أن يموت العراقي محروقاً أو مقتولاً أو ممزقاً الى أشلاء بل الغريب ان نشعر بالموت ونحن أحياء بعد أن ماتت فينا أشياء كثيرة كالثقة والإيمان والقدرة على الحب ..والأغرب من ذلك أن القاتل سيظل دائماً مجهولاً ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    سيدتي الفاضلة .. دماء الضحايا الأبرياء تلطخ أيادي القتلة و لا تلوثها لأنها دماء طاهرة ... تحياتي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram