محمد حمدي
ستهدأ النفوس قريباً، وتستوعب جماهيرنا الهزائم المُذلّة لأنديتنا الكبيرة الجوية والشرطة في بطولة أندية آسيا الأبطال ضمن منافسات دور المجموعات، ومع ما رافق هذه المباريات من تصريحات وتوقعات سبقتها أو تلتها وصولاً الى تعليلات الأسباب وراء المستوى الهزيل على لسان المُحلّلين وهم كُثر طبعاً تناولوا المشاركة بالعرض والتحليل الدقيق منذ أول مباراة لممثلينا الجوية والشرطة، إلا أنني لن أحيد عن الرأي القائل بأن اللاعب العراقي يلعب بروحية المنتخب فقط، ويقدم جُلّ ما يستطيع إن أرتدى ألوان الفريق الوطني.
لا يُمكن لأي أحد أن يقنعنا خلاف ذلك بأن الجوية قد حصد ثلاثة ألقاب متتالية في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي وهي من بطولات المظاليم أو الهواة كما هو معلوم، ولا أريد أن أقلّل من شأنها طبعاً، ولكنها بطولة بسيطة لا ترقى الى مشاركة الأندية اليابانية والسعودية والاسترالية والقطرية والإيرانية والصينية وغيرها من أندية آسيا الكبرى.
آثرتُ هذا الرأي في إحدى القنوات الرياضية ويبدو أنه لم يُعجب أغلب من كانوا يتابعونه وأولهم المحلل الرياضي الذي كان يشاركني أطراف الحديث وألقى باللائمة على المدربين وحمّلهم أسباب الخسارات الثقيلة أمام فرق مجموعتيهما، وأشار إلى أن المدربين وصلوا الى السعودية والإمارات مُنتكسين منذ المباراة الأولى ولم يستطع لاعبنا مجاراة اللاعب في الفرق الإيرانية والقطرية والسعودية والإماراتية على حد سواء، وظهر الفرق واضحاً في التكنيك والإعداد وثقافة اللاعب وتصرّفه، وصولاً الى حديث المدربين الذي سبق المنافسات بتكرار عبارة الفرق الواضح بين أنديتنا وأنديتهم!
حقيقة أن هذا الكلام وغيره ربّما أسهم في فتور اللاعبين وشتّتَ أفكارهم، ولكن أجزم لو أن أي فريق في الدوري المحلي لعب عشر مباريات أخرى أمام الأهلي والدحيل والاستقلال لخسرها جميعاً، فالمشكلة القائمة هي مشكلة إعداد طويل الأمد وتثقيف اللاعب والارتقاء بالدوري المحلي العراقي الضعيف والذي لا يصل الى جودة مباريات الدوري في الدول الأخرى.
إن المقارنة التي نجريها اليوم لأنديتنا المشاركة في البطولة الآسيوية تكاد تكون هائلة جداً وغير منطقية من توافر جميع مسبّبات النجاح هناك الى غيابها هنا وأولها الاحتراف في الإدارة والدعم والبنى التحتية، وهذه النقاط مهمة وليست عبثية تطلق جزافاً، وطالما كان حال الأندية صعباً ومعه تردّي أوضاع الدوري الى مستوى مُرهق فمن غير المعقول أن نصل بأحد أنديتنا الى أبعد من دوري المجموعات حتى وإن كان يملك رصيداً هائلاً من جمهور رائع لا يتوافر لدى الغير ولاعبين هم أركان المنتخب الوطني العراقي كما هو الحال مع الشرطة مثلاً.
وبالعودة الى فرضية المنتخبات وتقديم اللاعب لجهده فيها، فإن المنتخب هو ذروة ما يمكن الاهتمام به وتجميع اللاعبين المحترفين وتوفير المدرب المحترف والمباريات الإعدادية مع الحماسة لدى اللاعب من أجل أن لا يفوّت الفرصة كل ذلك يدفعه لتقديم أفضل ما لديه ومعها ظهور المنتخب العراقي متماسكاً لا يمت الى ظهور الأندية بصلة، أما الرأي القائل بأن لاعبنا يُبدع مع المنتخبات فقط، هو رأي صحيح، ودليل قاطع على العقلية القديمة التي يتمتّع بها وعلاقة ذلك مع تصنيف ناديه وحجمه محلياً وعربياً وآسيوياً!