محمد آل عمر
تمثل ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية جنوبي العراق، واحدة من الأسباب الرئيسة لقتل المواطنين أو إصابتهم بإصابات خطرة تسبب بشلل تام لهم، الأمر الذي ساق العديد من العشائر لتوقيع وثائق الشرف فيما بينها للحد من هذه الظاهرة الخطرة التي باتت تؤرق المجتمع.
ويقول شيخ عشائر ال جويبر في ذي قار، الشيخ جاسم الجابري، إن " عشيرته كانت من العشائر السبّاقة في رفض ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات، حيث سارعنا لإصدار بيانات واضحة ترفضها وبشدة في أكثر من مرة، آخرها المشاركة في المؤتمر العشائري ضمن حدود المناطق الجنوبية من المحافظة حيث تم توقيع وثيقة فيها عهد وقسم على محارب هذه الظاهرة ، والحمد لله العشائر معنا والقانون معنا".
وقال الجابري، لـ" المدى"، إن" من يقوم بالرمي العشوائي هو شخص غير ملتزم، وربما يكون مدفوعاً لغرض إحداث الفوضى في المجتمع "، لافتا إلى أن" عشيرته حدثت في الآونة الأخيرة فيها عدة مناسبات لكن لم يحدث فيها إطلاق نار، وهناك التزام واضح من أبنائنا وكلي أمل أن ننجح جميعنا في محاربة هذه الظاهرة".
بدوره يقول الكاتب، علاء كولي، لا يمكن للحياة أن تستمر بشكلها الطبيعي في ظل استمرار السلاح المنفلت الذي يبدو أنه يتكاثر بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية.
وذكر كولي في حديث لـ" المدى"، أن" هذا السلاح يؤثر على بيئة الأعمال والاستثمار والسياحة ويؤثر على كافة مفاصل الحياة ، ويجعل المواطنين هنا معرضين للخطر، كما أن المجتمع يبدو غير مستقر".
وأضاف، " نحن بحاجة الى أن تكون هناك حملات حقيقية لإيقاف هذه الظاهرة، حيث أن وجود السلاح يقوض وجود الدولة الى درجة كبيرة، ويجعلنا مثل المجتمعات المتناحرة وهي أشبه بحرب أهلية متفاوتة نعيشها ولا نشعر بها في الوقت الحالي، لكن كل هذا يمكنه أن يؤدي الى لحظة انفجار كبيرة تحرق الأخضر واليابس".
وقال مدير ناحية الطار في محافظة ذي قار، عبد ضيدان رومي، أن" إجراءات إدارته كحكومة محلية لمنع إطلاق العيارات النارية في أي مناسبة سواء في الفواتح أوالأعراس أوالمناسيات الأخرى تمثلت بالحث على توقيع وثيقة شرف بين جميع العشائر في الناحية، لأن
هذه الظاهرة تعتبر معيبة وغير حضارية وفيها أضرار كبيرة ومؤثرة من كل النواحي سواء أضرار ازعاج للمريض أو الأطفال أو أضرار مادية وبعض الحالات تُحدِث أضراراً كبيرة تؤدي الى القتل أو الجرح ".
وأكد رومي، أن" هذه الوثائق التي عقدت في الآونة الأخيرة نصت على معاقبة أصحاب هذه الظاهرة، ومن هذه العقوبات، إن مَن يقوم بإطلاق العيارات النارية في المناسبات يتم مقاطعته فإذا كانت فاتحة فلا تحضر العشائر لا بالتشييع ولا الفاتحة، وكذلك المناسبات الأخرى ومن يقوم بإطلاق العيارات النارية يتحمل كافة التبعات القانونية والعشائرية بمفردة ولا تتحمل الحمولة أو العشيرة تبعات عمله، فهذه تعتبر جريمة خاصة إذا حدث من ورائها حادث وجريمة عمد، ويتحمل الجاني كافة التبعات وحتى شرعاً لأنه تم التنبيه أكثر من مرة وجرى التحذير".
بدوره يقول، رجل الدين الشيخ عباس حسن، إن" ظاهرة إطلاق العيارات النارية هي ظاهرة سلبية مخالفة للشرع والقانون والعرف ومن جانب ديني هذه الظاهرة محرّمة شرعاً والمرجعية الدينية أول مَن تكلمت عن هذا الموضوع بان مطلق العيارات النارية في المناسبات يعتبر قد ارتكب ذنباً وعملاً محرماً والقتل يعتبر عمداً لأنه كان مصراً على إطلاق العيارات النارية".
وبين في حديث لـ" المدى "، أن" الكثير من الحوادث التي حدثت في الآونة الأخيرة أدت الى مقتل أناس، وهذا يعتبر قتلاً عمداً باعتبار إنهم يطلقون العيارات النارية في ظل وجود الفتوى ويتحمل الفاعل دية القتل لأنه مخالف للشرع والقانون".
من جانبه، قال شيخ عشيرة الموزان، الشيخ زكي منصور، إن" عشيرته الذي يُقتل فيها بسبب الإطلاقات الطائشة يعتبر (قتلاً عمداً)، لأن القانون والشرع يُحرم الرمي العشوائي وقد عممنا هذا القرار بسنينة جديدة وحتى التعرّض للممتلكات من قبل الاطلاقات النارية الطائشة اعتبرناها ضرراً عمداً، وكذلك الإصابة كلها تدخل في باب العمد".
وتابع في حديث لـ" المدى "، أن" بقية العشائر منقسمة، قسم يعتبرها في باب القتل والضرر والعمد وهناك من لا يعتبرها ضمن هذا الباب رغم أنها مخالفة شرعية وقانونية، ونحن كعشيرة ( الموزان) لدينا وثيقة موقع عليها وهي : إن أي شخص يطلق العيارات النارية يتحمل المسؤولية كاملة لوحده، والعشيرة غير ملزمة بدفع الدية معه، كذلك أي ضرر يلحق بنا من عشيرة أخرى نعتبره عمداً".
ويقول مصدر أمني بقيادة شرطة ذي قار، إن" هناك العشرات من المصابين خلال العامين الأخيرين بسبب الاطلاقات النارية العشوائية في المناسبات الاجتماعية بالمحافظة ".
وذكر في حديث لـ" المدى "، أن" هذه الأحداث تسببت بإصابة أكثر من 40 شخصاً خلال العامين الماضيين "، لافتاً إلى أن " القيادة بدأت بحملة كبيرة لسحب السلاح المنفلت لدى العشائر ".
وأضاف، أن" هذه السلاح سيتم سحبه على ثلاث مراحل وإن قيادة الشرطة لا تزال تعمل بالمرحلة الأولى والمتمثلة بلقاء شيوخ هذه العشائر لإقناعهم بضرورة تقنين السلاح الموجود لديهم "، مؤكداً أن " الحملات المتبقية ستكون عبارة عن عمليات دهم وتفتيش لأماكن سنحددها لاحقاً".