TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بإختصار ديمقراطي: صبحي .. وأصحاب الجفاء!

بإختصار ديمقراطي: صبحي .. وأصحاب الجفاء!

نشر في: 2 مايو, 2021: 10:53 م

رعد العراقي

من المؤسِف، أننا نتحدّث عن الوفاء، ونذكّر بأحد الخِصال الإنسانية التي كانت تُميّز الشخصية العراقية، وكأنها أصبحت شيئاً نادراً نتفاخر به حدّ الدهشة حين نسمع بموقف يحصل هنا أو هناك وتتسابق مواقع التواصل الاجتماعي باستعراض تلك المواقف الاستثنائية العظيمة!

أي زمن نعيشهُ حين يسودُ الجفاء وينحسر الوفاءُ، ويصبح الروّاد بمختلف عناوينهم السابقة أرشيفاً نتغنّى بصولاتهم وننتشي بانجازاتهم ونفخر بتاريخهم، وهم كانوا أحد صنّاعهِ، بينما حبال الوصل معهم مقطوعة وأحوالهم المعيشية مجهولة، وعجلة الظروف ومآسي الحياة ترمي بهم في أحضان النسيان يصارعون الأمراض والعوز ويتحسّرون على ذكريات كانت لهم في كل مرحلة بصمة تكفي لأن يمضون بحياتهم معزّزين مكرّمين نستمدُّ منهم العزيمة وننتفِع بما يقدّموه من نصيحة.

أحمد صبحي ذلك الفارس الذي ترجّل مبكّراً عن صهوة الملاعب تاركاً سجلاً مطرّزاً بالعطاء أستذكرهُ مشكوراً برنامج (صدى) الذي يقدمه الزميل بلال بداع أثار الشجون، وقلبَ أوراق المواجع لنجم خدم الكرة العراقية، وزاحم كبار الأسماء في حينهِ، واضعاً قدمهِ بثبات في التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني، ومحرزاً أهدافاً لا تنسى تأثيراً وفنيّاً سبّبت ضجيجاً بين الجماهير، وأرعبت الخصوم إلا أن ذلك الضجيج تحوّل بعد اعتزاله الملاعب، ومن ثم العمل الإداري الى هدوءٍ قاتلٍ، وهو يعيش بعيداً عن رفاق الأمس وأضواء الإعلام والصحافة، مكتفياً بالإنزواء في بيته، يُصارع مرضهِ، محتفظاً بتوازنهِ، وخلقهِ وعزّة نفسهِ التي أبت حتى كلماته من جرح الآخرين ممّن شغلوا المناصب، وتناسوا حتى ذكرهِ أو تكريمهِ أو الإحتفاء بهِ.

 

قائمة من زملاء صبحي تربّعوا على مناصب مهمّة ومازال قسم منهم يمارسُ مهامه الى الآن، ومؤسّسات عديدة عملَ فيها تجاهلوا التواصل معه أو الاستفادة من تراكم الخبرة لديه للتواجد في إحدى اللجان الفنية كخبير يحمل شهادة أكاديمية بدلاً من الاستعانة بشخوص لا يمتلكون مقوّمات العمل أو الاستشارة الصحيحة، بل أن الجفاء وصل الى حدود الإهمال والتجاهل حتى بتفقّد احتياجاته أو السؤال عن أحواله الصحّية باستثناء أمانة بغداد التي بادرت الى  إرسال وفد لزيارته وتكريمه عام 2016 في وقت يعلمُ من يعنيه هذا الحديث أنه أحيل على التقاعد، وأعلن عن إصابته بمرضٍ عضال عام 2019 أضطرّهُ الى كتابة وصيّة الى أهلهِ لخّص بها حقيقة ما نمرُّ به من أزمة إنسانية حين طلبَ ما معناه (حينما أموت لا أريد أحداً من أعضاء اتحاد الكرة أن يحضر مجلس الفاتحة)! أطال الله في عمره كشف بأدب ما يخفيه من ألمٍ تجاه من يجهل معنى وقيمة الوفاء!

باختصار..الجميع يحتاج الى الاستشعار الإنساني بما فيهم الإعلام والصحافة الرياضية التي تتحمّل جزءاً كبيراً من التقصير في ممارسة دورها بتسليط الضوء على الرواد الرياضيين وما يعانوه من إهمال ويعملون على تشكيل قوّة ضغط بأصواتهم وأقلامهم من أجل لفت أنتباه الجهات المسؤولة وخاصة وزارة الشباب والرياضة لاستحداث وتحسين القوانين التي ترعى فئة الرواد والنجوم بما يحفظ كرامتهم ومكانتهم وتاريخهم، وفي ذات الوقت تحفيز المؤسّسات الرياضية والشخصيات الى إعادة الحياة لجذوة الوفاء وغرسها في نفوس الأجيال القادمة لتكون نهجاً إنسانياً متوارثاً نفتخر به، ووصمة خذلان في جبين من يتخلّى عنه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram