TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > كيف فاجأ قاسم محاولي اغتياله بالعفو؟

كيف فاجأ قاسم محاولي اغتياله بالعفو؟

نشر في: 23 مايو, 2010: 04:34 م

في اللحظات الرهيبة التي كان فيها المحكومون بالاعدام يمضون نحو حبل المشنقة، اقبل عليهم ضابط السجن، يغص بالعاطفة، لينبئهم ان الزعيم قاسم اصدر امره بالعفو عنهم مكتب الاسبوع العربي في بغداد يروي قصة العفو، ويحدد خطوط المستقبل الجديد للعراق.
"عفا الله عما مضى" هذه السياسة التي يواصلها الزعيم عبد الكريم قاسم والتي شملت مؤخرا الجندي السعودي التابع لقوات الجامعة العربية الذي اسرته القوات العراقية عندما تجاوز حدود الكويت الى العراق بسيارته العسكرية.فقد امر الزعيم قاسم باطلاق سراحه ووقف الملاحقات بحقه وتسليمه الى السفارة السعودية.. على ان الاهم من ذلك هو قراره بالعفو عن المتهمين بمحاولة الاعتداء، على حياته وفي ذات الاسبوع الذي امر فيه في العام الماضي بارجاء تنفيذ حكم الاعدام فيهم، وهذا هو مكتب الاسبوع العربي،  في بغداد يصف ظروف اطلاق سراحهم:واصل الزعيم عبد الكريم قاسم سياسة "منتهى التسامح"التي دشنها بالعفو عن عبد السلام عارف.ففي الاحتفال بمرور سنتين على نجاته من مؤامرة الاغتيال اعلن العفو كذلك عن الذين اطلقوا عليه الرصاص في شارع الرشيد. والمعلوم ان عدد المتهمين بمحاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم يبلغ 54 متهما وكلهم من اعضاء حزب البعث او من انصاره.. وكانت الاحكام التي اصدرتها المحكمة العسكرية بحقهم بين السجن والاعدام الذي شمل المتهمين الخمسة الرئيسيين منهم الذين كانوا قد تصدوا لسيارة الزعيم قاسم في شارع الرشيد واطلقوا الرصاص عليه وهم: اياد سعيد ثابت، واحمد طه العزوز ،وخالد علي الصالح ، وسليم الزيبك، وحميد مرعي"السوري الجنسية" و سمير عزيز النجم الذي خفف حكم الاعدام عليه الى السجن خمسة عشر عاما. وكان سمير من الذين اطلقوا الرصاص على الزعيم قاسم وتبادلوا معه النار فاصيب بيده برصاصتين لم يستطع علاجهما وعثر عليه في احد البيوت مختبئا مع جميع الذين اشتركوا في محاولة الاغتيال وكانت جراح يده مفتاح التوصل الى معرفة الذين اطلقوا الرصاص على الزعيم قاسم.وقد نجا المحكومون الخمسة من اعواد المشانق في اللحظة الاخيرة من اليوم الثاني من كانون الاول (ديسمبر) الماضي.فقد صدر امر وزاري بتنفيذ  احكام الاعدام في كل من اياد سعيد ثابت وطه العزوز وسليم الزيبك وحميد مرعي وخالد علي الصالح وفي عشية موعد الاعدام نقلوا من سجن معسكر الرشيد الى السجن المركزي حيث تقرر تنفيذ الاعدام فيهم في الساعة الرابعة من صباح اليوم نفسه وألبسوا ملابس الاعدام الحمر، كما حلقت رؤسهم وعندما كانوا ينتظرون في زنزانة الاعدام ساعتهم الاخيرة دخل عليهم الضابط المسؤول وهو يقول في ارتباك واستعجال (تفضلوا الان يا جماعة) ولم يستطع الضابط المسؤول الاستمرار في كلامه فظنوا انه يقتادهم الى المشنقة فتبادلوا القبل والعناق فيما بينهم، فعاد الضابط يخاطبهم ثانية والدموع تطفر من عينيه (لا ليس الى المشنقة بل تفضلوا الى سجنكم ثانية في معسكر الرشيد لان الزعيم اصدر أمرا الان بتأجيل تنفيذ احكام الاعدام!!) وانقلب عناق الوداع الى فرحة الحياة ثانية بعد ان كان بينهم وبين الموت فاصل لا يزيد على الساعتين والربع.ففي الساعة الواحدة والنصف من تلك الليلة قصد الزعيم قاسم محطة اذاعة بغداد واذاع بنفسه بيان تأجيل احكام الاعدام فيهم وقال: "اني لاحظت انه قد صدر في هذا اليوم امر تنفيذ حكم الاعدام بهؤلاء حتى الموت في الساعة الرابعة من صباح هذا اليوم اي بعد ساعتين وربع تقريبا وانني اقول اذا جاء اجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون، ان الشخص الصالح هو الذي لايعتدي على الاخر ولكنني ايتها الاخوات وايها الاخوان  وجدت ان هذا اليوم هو اخر يوم من ايام العيد وهذا اليوم الذي يلي العيد وهو يوم الخميس وهذا اليوم هو ليلة الجمعة والايام لدينا مقدسة وعليه قررت في هذه اللحظة ان أئتمر بامر الباري عز وجل فقررت تأجيل تنفيذ حكم الاعدام حتى اشعار اخر. وفي الصباح خرج المتهمون من السجن المركزي حيث نقلتهم سيارة خاصة الى سجن معسكر الرشيد وفي باب السجن اعيدت لهم الوصايا التي كتبوها الى ذويهم. وقد ضمن الزعيم خطابه الذي اعلن فيه العفو عن المتهمين، وهو العفو الذي استفاد منه 42 محكوما مدانا ، اشارة وصفت بانها مهمة وخطيرة. فقد كان اول خطاب تطرق فيه بصراحة الى علاقات العراق مع الجمهورية العربية المتحدة حينما قال "بعض الاذاعة تريد ان تفرق شمل الصف العربي وتشعل نار الضغينة بيننا وبين الجمهورية العربية المتحدة اننا نعلن على الملأ اننا سند لكل شعب عربي وان ما حدث بين سوريا  ومصر ليس الا فقاعات تزول بين الاخوان". rnمجلة الاسبوع العربي كانون الاول عام 1961

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram