محمد حمدي
يعرف الجميع أن الأندية الرياضية هي خلايا التماس الأولى بالموهبة الرياضية، وهي معامل الانتاج والواجهة، ويُعوّل عليها أولاً وأخيراً في رفد المنتخبات الوطنية باللاعبين أو إحياء البطولات المحلية، وسوى ذلك نعدهُ مبادرات من مؤسّسات ساندة لا يمكن لها أن توازي الأندية الرياضية مهما أرتفع شأنها.
ومع ارتفاع سقف الطلبات لتكون الأندية مُلبية للطموح، وتعمل باحترافية، ظهرت الحاجة الماسة لقانون الأندية الرياضية الجديد، ليكون ملبياً لتطلعات الأسرة الرياضة العراقية، وتجاوز القانون النافذ الذي أقرّ عام 1986 وأثبت عدم جدوى الاستمرار به كنتيجة طبيعية للتغيّرات الهائلة في عالم الأندية وبنيتها، وبرغم وجود (مطبّات) في بعض فقرات قانون الأندية الجديد الذي أعدّتهُ لجنة الشباب والرياضة البرلمانية، وما تعرّض له من انتقادات لاذعة كانت متوقّعة بالاساس من واقع فإن ارضاء الجميع غاية لا تدرك، ولوجود متضرّرين من بعض فقراته كنتيجة طبيعية، لأن البعض يجدُ في القانون ما يجرّده من منفعة شخصية وحالة مستمرة تعودُ عليه بالمنفعة كتحصيل حاصل، ولعلّ أبرز ما يُميّز القانون الجديد منع قيام كتل مستمرّة ووراثة عائلية وتحسب له أيضاً منع الازدواجية في المناصب ومحو آثارها المُدمّرة على المنافسات الرياضية.
يمكن القول، إنَّ ما صدر من جهدٍ واضح، لا يمكن إغفاله، كما أن التسليم بأن القانون قد لامَسَ حدود التطلّع تماماً هو أمر مشكوك فيه، وربّما خضع للتعديل في جلسة أخرى، والمهم والأكثر إيلاما هو عدم وجود فقرات تنهي حالة الزيادة المفرطة بإعداد الأندية وتسمياتها التي لم تدرس ولم تؤخذ بالحسبان مردوداتها، وكأنها مدارس أهلية وليست أندية يعوّل عليها في مشاركات خارجية!
لا نعلم الى متى يستمرّ مسلسل منح الإجازات بالمحاباة التي لا مُبرّر لها، مع العلم أن أغلب الأندية التي تمنح هذه الاجازات لا تمتلك أية مقوّمات لفتح الأندية واجتذاب الشباب والمواهب، ولا تمتلك الأراضي والموجودات الضرورية للعمل، وأكتفت بإيجار قاعات (جم) أو ساحات خماسية، فيما تشمخ باسمائها وعناوينها ومواقعها على شبكات التواصل، وهو ما تريده لغايات ضيّقة جداً ومحسوبة ويبقى اندثارها مجرّد مسألة وقت.
والغريب أن في كل مؤتمر أو ندوة تنظمها وزارة الشباب والرياضة يتم تشخيص هذه الظاهرة والحديث عنها بالبحوث والدراسات وتجارب الاحتراف بما يغني أكبر المكاتب لدينا فضلاً عن حديث الاستثمار والتمويل الذاتي واعتماد الأندية على نفسها سواء كانت مؤسّساتية أم أهلية، ثم نعود الى نقطة الصفر مرّة أخرى، وليس من تغيير يذكر على الأرض إلا ماندر!
وفي الوقت الذي قطع فيه هذا الموضوع شوطاً طويلاً في العديد من الدول ومنها العربية، مازال حال الأندية والاستثمار لدينا يراوح في مكانه بغياب الأنظمة وضبابية القوانين الفاعلة التي تمنح للأندية حرّية العمل في البحث عن الاستثمار لتعضيد مواردها المالية وانجاز بُناها التحتية إبتداء من بناء ملاعب خاصة بها، ومروراً باستثمار فضاءات الأندية غير المستغلّة في بناء مولات ومحال تجارية ومسابح وفنادق تشكّل مردوداتها عاملاً إضافياً في دعم النادي والدفع به لتحقيق الانجازات الرياضية.
وما زالت العديد من أنديتنا تثقل كاهل الدولة في الاعتماد كلياً على منحة الوزارة التي لا تشكّل شيئاً في مفهوم الدعم الرياضي، وحتى المؤسّساتية منها على حد سواء، لذلك فإن القانون ليس ذا جدوى ما لم يتعزّز بقوانين موازية أخرى.