TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عندما يدفع المواطن ثمن الخراب

العمود الثامن: عندما يدفع المواطن ثمن الخراب

نشر في: 10 مايو, 2021: 10:28 م

 علي حسين

هل تريدون الفوضى، أم مجلس نواب ظريف وخفيف الظل يجنبكم الوقوع في أهوال المصائب؟.. هذا السؤال أصبح يطرح هذه الأيام وبقوة.. كيف تريدون غلق باب مجلس النواب، وطرد أعضاء مجلس المحافظات عن دكاكينهم؟..

ويردد المقربون والمنتفعون شريطاً غنائياً واحداً: إنكم تريدون إسقاط التجربة الديمقراطية الوليدة، والالتفاف على إرادة الجماهير، وإجهاض العملية السياسية.. وبلغت الشعارات حد أن البعض قال: إذا كنتم مصرون على احداث تغيير.. فليس هناك من حل سوى السلاح الذي سيكون الحكم بيننا وبين من يريدون الالتفاف على العملية السياسية.

فيما العراقيون يعيشون لحظة فارقة في تاريخهم المعاصر وسط خطابات زائفة ومقيتة عن الديمقراطية وإرادة الناس وإعادة انتاج نظام لا يعرف إلا لغة السمع والطاعة.. خطابات ينسى أصحابها أن الديمقراطية ليست سلاحاً تقتل به أبناء شعبك.. وأن الديمقراطية لا يمكن تجريدها من جوهرها الحقيقي الذي يعني أن السياسي لا يحق له أن يكون سيفاً مسلطاً على رقاب الناس يجزها في اللحظة التي يعتقد فيها أن هذه الديمقراطية نفسها تريد له أن يغادر الكرسي بسلام.

أصحاب الوصايا يحذروننا هذه الأيام من أن العراق سيمر بظرف عصيب، لو أن الشعب لم يأخذ "الحيطة والحذر" من الأعداء الذين يتربصون به.. يتحدثون كل يوم عن الكارثة التي تنتظرنا لو أننا تجرأنا على مجرد التفكير في المطالبة بالإصلاح السياسي، ففي خطابات متشنجة تعيش على بث الرعب والفزع في نفوس العراقيين، خطابات يذرف أصحابها الدموع، كذباً، دفاعاً عن الأمان والاستقرار، متناسين أن "الحيطة والحذر" التي صدعوا رؤوسنا بها لم تجلب للناس سوى الفوضى والخراب.

كل تجارب التاريخ تعلمنا أن الفشل والتسلط لا يصنع دولا تنعم بالعافية، مهما كانت الشعارات التي يرفعها أصحاب مبدأ الحيطة والحذر والأكاذيب التي ينشرونها بين الناس.

ما يجري هذه الأيام من تخويف الناس وترويعهم مرة بحجة الخوف من الانفلات الأمني، ومرة بشعارات عن التدخل الأجنبي، ومرات عدة بالتآمر الدولي يكشف لنا بجلاء أن البعض يريد أن يكسر شوكة الآخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الإذعان للأمر الواقع، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أي مطالب بالإصلاح، وحين تطالب الناس بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين نجد الاصرار على قوانين مضحكة مثل قانون جرائم المعلومات الذي سيزيد من متانة الحائط الذي تضعه الدولة بينها وبين المواطن

والأمر ذاته يحدث فيما يخص الأمن، إذ يجرى إذلال المواطنين أمنياً ويحاطون بحزام مرعب من جرائم القتل والخطف وفقاً لنظرية "المؤامرة"، بما لم يترك مجالاً لأحد من الناس كي يفكر في موضوع الخدمات والإصلاح السياسي، وبمعنى آخر يحاول المقربون أن يجعلوا من الاستقرار ثمناً للجلوس على الكرسي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عبد الرحمن مهدي

    اليس غريبا ان يدعي عميل للاجنبي انه مقاومه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram