TOP

جريدة المدى > محليات > قيصريات كركوك.. تاريخ حافل ونشاط تجاري مستمر

قيصريات كركوك.. تاريخ حافل ونشاط تجاري مستمر

نشر في: 11 مايو, 2021: 10:13 م

 المدى/ كركوك

تتميز محافظة كركوك التي تعتبر واحدة من المدن القديمة التي تعاقبت عليها العديد من الحضارات السومرية والبابلية والأكدية والآشورية وغيرها من الحضارات التي تركت آثارها شاخصة لغاية يومنا هذا. وتعتبر "القيصريات" جزءاً مهماً من تاريخ المدينة الموغل.

ووفقاً لباحثين باللغة فأن تسمية هذه الأماكن بالقيصرية جاءت من كونها تقتصر على بيع أشياء محدّدة دون سواها، غير ان هذا الاسم لم يفارقها حتى بعد ان تحوّلت الى مكان لبيع كل شيء وأي شيء في عقود سابقة.

وما زالت "القيصريات" حتى الآن مقصد الناس للتسوّق، وفيها تتوزع عشرات الدكاكين الصغيرة ومتوسطة الحجم، ويُباع فيها كل شيء تقريباً من البهار والمواد والحاجيات المنزلية الضرورية مروراً بالملابس وحاجات النساء الخاصة انتهاء بالفاكهة والقماش.

وتعرضت القيصرية قبل عامين الى حريق تسبب بخسائر بملايين الدولارات لأنها تحوي الكثير من محلات بيع الذهب ويصل عددها الى نحو 23 متجراً لصاغة الذهب واللقى مقسمة حسب تخصص كل بائع بين الألبسة والكتب والكماليات وبيع أنواع أخرى مما تشتهر به السوق.

ويوجد عدد من القيصريّات تقع جميعها أسفل قلعة كركوك التاريخية، وقيصرية كركوك أحد تلك الأماكن التي تعد مقصداً رئيساً للناس، وشُيدت كمركز تجاري لتسهيل عمليات البيع والشراء لسكان مدينة كركوك في العهد العثماني عام 1855، بحسب ما جاء في الكتب العثمانية القديمة وأعيد تعميرها عام 1978، ومساحة الدكاكين لا تتجاوز عرض مترين وطول ثلاثة أمتار، وبعضها يصل إلى مترين طولاً وعرضاً، بالاضافة إلى أن جميع قبابها مبنية من الحجر والجص، إذ تمتاز مناطق شمال العراق بهذا النوع من البناء.

كما يتميز السوق، كباقي الأبنية التاريخية والتراثية في كركوك معمارياً بأقبيته وأقواسه وعقوده وزخارفه، ومن أبرز خصائص قبة هذا السوق تخفيف القوى الضاغطة على الجدران، وبالتالي على اساس البناء، وتعلو سطح القيصرية قباب مسطحة في منتصف كل منها فتحة سقفية لأغراض الأضاءة والتهوية، أما الأقواس التي تزيّن مداخل السوق ودكاكينه فهي من الجص أو من الرخام المدبب، القيصرية هذه مثل أية بناية تاريخية وتراثية في كركوك لا تخلو من الزخارف التجميلية والرسوم التراثية والقومية والثقافية تُترجم واقع التلوّن القومي في المدينة منذ عصور غابرة.

قيصرية قيدار، هي الأخرى من القيصريات القديمة بالمدينة وفيها محال تجارية صغيرة يباع فيها مختلف المواد، ويمارس فيها الأنشطة التجارية المختلفة عدا عن كونها قبلة الباحثين عن الصناعات اليدوية، وتعود ملكية تلك القيصريات لدائرة الآثار وتقوم بتقاضي مبالغ أقل من السعر الحقيقي لها وبعقود تمتد لعشرات السنين وهو ما جعل المحال فيها تُتوارث أباً عن جد.

مدير دائرة آثار كركوك رائد عكلة قال لـ( المدى )، إن" القيصريات تعتبر مرحلة من مراحل تاريخ محافظة كركوك التي تتميز بإرثها التاريخي التي تعاقبت عليها الكثر من الحضارات وتوجد العديد ولدينا في كركوك نحو أربع الى خمس قيصريات مازالت بحالة جيدة جداً وتمارس نشاطها عبر المتاجر التي يعمل فيها التجار"، مبيناًَ إن "القيصريات كانت قديماً مواقع لتجمع التجار المارين من كركوك الى الشمال أو الجنوب وتعتبر حلقة تجارية مهمة سُجّلت في حضارة كركوك".

وأكد ان" القيصرية الرئيسة تعرضت قبل عامين الى حريق أدى الى تضررها بشكل كبير ولكن إدارة كركوك متمثلة بالمحافظ راكان سعيد الجبوري، وبالتنسيق مع جهات قامت منظمة تيكا التركية باعادة إعمارها وعادت كما كانت لأن القيصرية تعتبر واحدة من أهم أسواق السوق الكبير في كركوك".

من جهته قال المواطن عبدالله جنكيز لـ( المدى)، إن" القيصرية تعتبر رمزاً تاريخياً وتراثياً من تاريخ كركوك ويعتبر والدي من الذين يعملون في سوق القيصرية منذ عشرات الأعوام وسوق القيصرية يتميز بأنه مقسم لأصحاب الحرف القديمة والحديثة فجزء من القيصريات الآن تعمل في صناعة الحديد وتصنيع الأدوات الحديدية التي يحتاج سوق العمال وقسم آخر يبيع الأجهزة الكهربائية وقسم منه مخصص لبيع الكتب ومواد أخرى وقسم آخر مخصص للخضراوات وجميع هذه الانشطة موجودة منذ القدم الى يومنا هذا فالدكاكين متوارثة من الأجداد الى الاباء والابناء ".

واضاف ان" أهالي كركوك يفتخرون بهذه القيصريات لأنها جزء من حضاراتهم وتاريخ مدينتهم ".

وتابع أن" غالبية كركوك وحتى القادمين من المحافظات يتسوقون من هذا السوق الكبير حتى صار السوق واحداً من أهم الأسواق التجارية في كركوك وتعتبر السمة المميزة لسوق القيصرية هو أن اسعاره مناسبة يستطيع ذوي الدخل المحدود من التبضّع وشراء ما يحتاجونه من أمور منزلية وأخرى تجارية وحسب حاجة المواطن".

ويقول المختص في شؤون تاريخ كركوك عبد الكريم خليفة لـ(المدى)، القيصريات سمة تميز أسواق كركوك عن باقي المحافظات العراقية، وقد شُيدت كأسواق لكركوك منذ القرن الخامس عشر صعوداً، ولدينا في كركوك ثلاث قيصريات ما زالت تعمل وتنتج حتى الآن رغم القرون التي مضت عليها والأخرى تحوّلت لآثار".

وأشار إن" القيصريات هي الآن تعتبر واحدة من أكثر المراكز التجارية المهمة في السوق في كركوك وفيها عشرات المتاجر والعاملين ". وتابع أن" القيصرية تمثل ذاكرة مدينة كركوك وروحها التاريخية، وتتميز هذه الأسواق بطريقة عجيبة في تقاسيم بنائها من حيث اعتماد أيام الأسبوع والشهر والسنة، وهذه ميزة معمارية ، وقبابها اسلوب عثماني مميز تفتقر الكثير من المواقع إليه الأن".

وأكد أن قيصرية كركوك الرئيسة مميزة في كل شيء، حيث شيدت على أساس الأوقات، إذ تحتوي على 365 دكاناً ترمز إلى عدد أيام السنة، و24 فرعاً ترمز إلى عدد ساعات اليوم، 12 غرفة صغيرة في طابقها العلوي كإشارة إلى عدد أشهر السنة، و7 أبواب إشارة إلى عدد أيام الأسبوع، ولم يكتفِ معماريو السوق بذلك بل هداهم خيالهم الخصب إلى ان يجعلوا أحد المداخل السبعة تستقبل الشمس حين تشرق ومدخل آخر يودعها حينما تغيب واستقطب السوق أرباب الحرف المختلفة وزبائنهم، فقد شغل دكاكينه باعة مختلفون.

وأشار إلى ان "المواقع الآثرية ومنها القيصريات تحتاج إلى دعم رعاية حكومية لغرض الاهتمام بها، بعد هجمات داعش الإرهابي على المواقع التاريخية في نينوى وصلاح الدين والأنبار".

وأكد ان "وجود 728 موقعاً أثرياً في كركوك يكشف أهمية هذه المواقع، والكثير منها تحتاج للتنقيب الاثاري، وان قلة الأموال المخصصة للتنقيب في هذه المواقع جعلت الكثير منها عرضة للتنقيب من قبل المهربين وخاصة جنوب غربي كركوك".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

الأعمال الحكومية وغياب السلامة المرورية يحولان طريق بغداد-ديالى إلى مصائد موت!
محليات

الأعمال الحكومية وغياب السلامة المرورية يحولان طريق بغداد-ديالى إلى مصائد موت!

 ديالى / محمود الجبوري فواجع وكوارث بشرية يشهدها يوميًا طريق بغداد - ديالى ضمن الحدود الممتدة من أطراف قضاء الراشدية وصولًا إلى أطراف حدود قضاءي الخالص وبعقوبة، بسبب تزايد الحوادث المرورية المميتة اليومية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram