TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود: الاردن ليس وطناً بديلاً

خارج الحدود: الاردن ليس وطناً بديلاً

نشر في: 23 مايو, 2010: 05:39 م

حازم مبيضين نستعير من تصريحات مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى جيفري دي فلتمان، تأكيده في حواره مع مجموعة من الصحفيين في عمان، أن الأردن ليس الوطن البديل للفلسطينيين، وأنه دولة قائدة في المنطقة وليست ضحية كما يتخيل البعض، وأن الولايات المتحدة حريصة على سلامة وأمن واستقرار الأردن وحمايته وعدم تحويله إلى دولة فلسطينية،
 ونحيل هذه التصريحات غير القابلة للتأويل المغرض، إلى الذين ينبشون بين السطور عما يثير الخوف على مستقبل الأردن والأردنيين، وهم في حقيقة الامر يفتشون عن مكاسب سياسية صغيرة، ويستنهضون من تحت الرماد نعرات ضيقة، تجاوزها المواطن الواعي إلى أفق رحب من المواطنة المسؤولة والنزيهة والفاعلة بشكل إيجابي. الأردن لكل الأردنيين الذين يحملون جنسيته ويدينون له بالولاء، وهو الوطن المبني على أسس ومبادئ الثورة العربية الكبرى، والذي كان الملجأ لكل أحرار العرب المقاومين للوجود الاستعماري، سواء في سوريا أو لبنان أو فلسطين، والذين وجدوا فيه وطناً يمثل كل طموحاتهم، وطناً لا ينغلق على إقليمية ضيقة بغيضة، وينفتح عملياً على أفقه القومي والانساني بكل إيجابية، وهو الوطن الطارد لكل العنعنات الضيقة، والساعي على الدوام لاصلاحات سياسية عميقة تتناسب مع واقعه وطموحات قيادته، والمضحي بصدق حين تستدعي الضرورة من أجل مصالح الاشقاء سواء كانوا فلسطينيين أو عراقيين أو حجازيين أو أتوا من اليمن أو لبنان.الوطن الاردني بقيادته المستندة إلى إرث تاريخي عريق، مؤمن بالسلام والتعايش، يدرك أن حل المشكلة الفلسطينية يكمن في حل الدولتين الذي يناضل الفلسطينيون لوضعه موضع التنفيذ، وهو هنا يتجاوز المزايدات الرخيصة، ليلعب دوره الايجابي في هذا المجال، وهو في هذا المضمار يشجع ويضع كل إمكاناته في خدمة أي خطوات عملية لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي سلمياً، ويبدو أن علينا التذكير دوماً بأنه ينطلق في ذلك من قناعاته الراسخة، وليس من مخاوف على مستقبله الذي تضمنه سواعد الاردنيين وعقولهم قبل أن تضمنه القوى الدولية الفاعلة، أما الذين " يستوطون الحيط الاردني " تحت مسميات وذرائع مختلفة، وهم ينفذون بعلم أو عن جهل أجندات لاعلاقة لها بالمصلحة الوطنية، فإنهم مدعوون لسماع ضميرهم الوطني والعودة عما يقترفون بحق وطنهم.لم نكن بحاجة إلى تصريحات المسؤول الاميركي لنعرف أن الأردن وطن الأردنيين، وأن فلسطين هي وطن الفلسطينيين، لأن هذه الحقائق التاريخية غير قابلة لأي تأويل مغاير لمضمونها، ولم نكن بحاجة إليها لنطمئن على المستقبل، لأننا بجهدنا نعمل على بناء ذلك المستقبل، بمضمون أن الاردن أولاً ودائماً، وإنما بغير انغلاق إقليمي، وعلى قاعدة الانتماء الوطني، كأساس متين للنزاهة والمساواة العادلة، ولم نكن بحاجة إلى هذه التصريحات – مع ترحيبنا بها – للتأكيد  أن النبش في أصول المواطنين للتمييز بينهم، ليس أكثر من محاولات بائسة محكومة بالفشل لإثارة نصف المجتمع ضد نصفة الآخر.الوطن الاردني للأردنيين، ووطن الفلسطينيين، بحسب الواقع الراهن، وموازين القوى هو الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو وطن غير قابل للتنازل أو المبادلة، والفلسطينيون يدركون أكثر من غيرهم معنى أن يستوطنوا أراضي غيرهم، وهم يدركون أن قدرتهم على تحويل وطنهم المأمول الى واقع عملي على الارض لن يتم إلا بالعمل السياسي المثابر لإجبار إسرائيل على الانسحاب من هذه الأراضي، وأي حديث عن طموحات فلسطينية في أراضي غيرهم ليس أكثر من حراثة الماء، فهذا شعب يبحث عن وطنه ودولته المستقلة، وقدم في ذلك سيلاً من التضحيات ولن يقبل باغتصاب أرض غيره للتعويض عن أرضه، وهذا ما نفهمه وما نقتنع به وما يجب أن يفهمه الجميع.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram