إياد الصالحي
في الوقت الذي بدأ العد التنازلي لأنتهاء مهمّة الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم، تحضيراً لإجراء الانتخابات في الثلاثين من حزيران المقبل، الموعد المُتفق عليه مع الاتحاد الدولي، صُدِم الشارع الكروي بخيانة لجنة الانضباط في الهيئة للأمانة المُكلّفة بها وفقاً لما كشفهُ عضو اللجنة قيس الساعدي من وريقات ملفّاتها عشية عيد الفطر المُبارك!
إن وجود "الانضباط" في اتحادات الكرة هي فيصل العدل بين جميع المنضوين للعبة، ومرآة نزاهة رئيس الاتحاد والاعضاء للحُكم على عديد القضايا الشائكة بنصوص اللائحة المُعتمدة، وأمانة الضمير، وأخلاق المسؤول، لكن ما يحدث في "انضباط" كرة العراق أمر مُسيء لسُمعة اللعبة يجب التصدّي له بحزمٍ، والتحقيق مع كل من ورد اسمه في حديث الساعدي لبرنامج "ستوديو الجماهير" في قناة دجلة مساء الثالث عشر من أيار 2021.
بداية، يتحمّل الساعدي نفسهُ مسؤولية أي تقصير يخلُص اليه التحقيق، كونه أرتضى السكوت طوال المرحلة التي شهدت شُبهات التواطؤ أو التلاعب أو المُداهنة من رئيس لجنة الانضباط ونائبه، مع طرف مؤثّر، لم يكشف المُتحدّث عن اسمه، علاوة على كتمهِ ما وقع من ظُلم على فرق متنافسة في دوري الدرجة الأولى حتى ليلة فضح كواليس ما جرى في اللجنة مرّة واحدة، ردّاً على قرار التطبيعية بعزلهِ عن عملهِ لاسباب غامضة.
تفاصيل التلاعب بالقرارات الموقّعة ليلاً بذريعة الاجتماع الطارىء والمُسندة بأدلّة دامغة ثم تغييرها صباحاً تحت ضغوط مجهولة، لا تُطمئِن بتاتاً عن سلامة تطبيق لوائح لجنة الانضباط بشهادة أحد صُنّاع القرار فيها الذي استشهد بأحداث عدّة شملت أندية الموصل، والجامعة، والفهد، والقوة الجوية، والشرطة لكرة الصالات، ورئيسي ناديي الشرطة والديوانية وغير المُعلن ممّن لم تسلّط عليه الأضواء، فضلاً عن سقوط الحياد بلقاءات أحادية مثل قبول عضو في اللجنة دعوة مسؤول نادٍ متضرّر لمناقشة مصير فريقه حول مائدة (نفرين كباب)!
إن دور لجنة الانضباط السلبي، وحسب ما استمعنا من حقائق موجعة أدلى بها قيس الساعدي، لا يقلُّ خطورة عمّن يُشتبه بتلاعُبهِ في نتائج الدوريات سواء في القسم الأول أم الثاني في أي اتحاد عربي أو دولي، لأنه وقعَ ظُلم كبير بخسارة فرق على حساب تأهيل أخرى لا تستحق اللعب في دوري الدرجة الأولى، وما ردِّ طلب استئناف فريق الموصل إلا خير مثال، أما في دوري الدرجة الممتازة، فحرمان لاعب أو عدم مرافقة مدرب لفريقه عدة مباريات وبشكل مبالغ أحياناً له تأثير واضح على الأداء والنتائج، ويجب التوقف عنده ومراجعة حيثيات كل قرار لما تبقى من عمر المسابقات للمحافظة على صدقية العمل ونزاهة العقوبات وأمانة الشخوص المُكلفين كقُضاة لمعاقبة المستحقّين، وحماية اللعبة من نفوس ضعيفة قد تطيح بجهود إدارة وملاك تدريبي لأحد الفرق بلا وجه حقّ، أو تقوّض أمله في ملاحقة متصدّر الدوري أو البقاء ضمن المستوى الحالي أو الهبوط الى درجة أدنى، وتنعكس بعض الحالات على قتل الروح المعنوية للاعب دولي لن يكون محل ثقة مدرب المنتخب والجمهور في قرار حرمانه من تمثيل ناديه لأكثر من مباراة!
عهِدنا إياد بنيان أنه لن يتردّد باتخاذ القرار الذي يحفظ سمعته حتى لو كان مُحقّاً في تصرّفه مثلما تراجع عن إصراره بمحاكمة الصحفي عمار طاهر الذي غمز في مقال بجريدة الزمان الى وجود تلاعب في صفقات إبرام عقود نادي الشرطة أيلول عام 2013 دون أن يبرز دليله ضد إدارة بنيان حينها، واحترم الأخير مناشدتنا له شخصياً بالتنازل عن الشكوى إكراماً لمواقف الصحافة ورسالتها السامية كي ينأى عن تهديد الصحافة بمطارق القضاء، وهذه المرّة وجّه الساعدي اتهامات مباشرة له بخرقهِ استقلالية لجنة الانضباط التي تواجه اتهامات عدة، فندعوه أولاً الى التحقّق عبر لجنة مُحايدة تتقصّى عن كل ما أثاره العضو المعزول، ويصارح الإعلام بنتائجه ثم يتخذه مايراه قانونياً لانصاف مؤسّسته وموقعه.
وعلى عكس نداءات المُباركة "المتزلّفة" التي يوجّهها بعض أعضاء لجنة الانضباط للطرف الفائز بقرارها حال صدوره، نقول لبنيان بصدق :مُبارك لكَ فوزك برضا الجميع إن عدِلتَ ومنحتَ المظلومين حقوقهم وقُمتَ بحلّ لجنة الانضباط، عملاً بقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) وإن لم تفلح فإقْدِمْ على مهر استقالتك بقناعة تامة وأرحل راضياً عن نفسك، وإِخلاع منصبك بلا ندمِ.