علي حسين
الشخصية الظريفة عبد الله النفيسي، دائماً ما يتحفنا بما هو كوميدي، عندما تتوافر له كل عناصر الإثارة والتشويق، وأحيانا كثيرة يقدم مشاهد ساذجة يختلط فيها الوهم بالواقع، فالرجل وبسبب عشقه لإرهاب الأخوان المسلمين، نجده يرسم صورة "وردية" لمؤسس حركة طالبان الملا عمر،
فيقول عنه بالحرف الواحد "ما يعجبني في الملا عمر، الصدق، والصفاء"، ويستمر النفيسي في تراجيدياته ليتحفنا بمفردات من قاموسه الثوري من عينة: "الملا عمر شخصية مهيبة، وعنده نقاء"، تخيل جنابك أن الملا عمر الذي أقام في أفغانستان نظاماً ينتمي إلى العصور الوسطى، وقتل الآلاف بالعبوات والسيارات المفخخة، الملا عمر الذي يرفض أي شيء اسمه قانون، والذي وفر للقاعدة مكاناً آمناً في أفغانستان، وأرسل للعراقيين أبو مصعب الزرقاوي وجماعته التي قتلت واستباحت وحزت الأعناق أمام الكاميرات..وقتلت جماعته حتى تلاميذ المدارس ، اصبح في نظر النفيسي قائدا عظيما .
هل هذه كانت أغرب "مباراة" تلفزيونية يلعبها عبد الله النفيسي؟، بالتأكيد هناك الكثير منها، ولأنني لم أتابع النفيسي من قبل، فقد فاتني الكثير من فصوله الكوميدية، لكن الصدفة تشاء أن استمع إليه وهو يتحدث عن أم كلثوم التي ما أن سمع المذيع يقول له السيدة أم كلثوم حتى انتفض وهو يولول "هذه ليست سيدة"، لماذا يا مولانا؟، يقول النفيسي لأنها غنت لمصر ، وبعد لأنها أشاعت المخدرات في بلاد العرب.. ولأن النفيسي لا يقرأ جديداً، وإنما هو ظاهرة صوتية، فقد استشهد بالروائي نجيب محفوظ، وقال إن محفوظ كان أول من أشار إلى علاقة أم كلثوم بالمخدرات، وللأسف لو كان عبد الله النفيسي يخصص بعضا من وقته للقراءة الجادة ، ويترك كتب سيد قطب ، لما تورط واستشهد نجيب محفوظ الذي كتب في مقال نشر مؤخراً في "مذكرات الآنسة أم كلثوم" ، يصف فيه أم كلثوم بأنها " مغنية خلق فريد، الزمان بمثله ضنين، حنجرة كاملة المراتب، وصوت عذب مرن مقتدر، يمتاز بمزايا الصوت النفيس مجتمعة من قوة وحنان وجلجلة وعذوبة وطول نفس ونفاذ، وتأثير، يحوط بكل أولئك هالة زاهرة من فن مبدع زاده المراس إبداعاً، واقتداراً فما زال يأتي بالساحر الفاتن.. ولعل من علامات التقدير التي كان يحملها نجيب محفوظ لأم كلثوم أن أطلق اسمها على إحدى بناته.
نستمع إلى "هلوسات" عبد الله النفيسي ونتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يريد لبلداننا ان تظل اسيرة لفتاوى الارهاب ، ويصر على أن الفرح والسعادة رجس من عمل الشيطان .
فديوهات عبد الله النفيس تضعه في مكانه الصحيح باعتباره النجم الذي " يُنفِس " عن نفسه بالتخاريف .