رعد العراقي
قيل أن (القراءة تصنَعُ إنساناً كاملاً.. والمشورة تصنَعُ إنساناً مستعدّاً، والكتابة تصنَع إنساناً دقيقاً) حكمة ربّما تقترِبُ كثيراً من الفلسفة، وأسس المهام التي تضطلع بها مهنة الصحافة، وتحاول إيصالها الى أذهان ومدارِك المُتلقّين بمختلف عناوينهم العامة والوظيفية من خلال التشخيص، ونقل المعلومة، وطرح الحلول للمساهمة في تفكيك المعاضِل، وتقويم الخطوات، وإنهاء مظاهر الفساد الإداري والمالي.
مهنة أدركتْ أغلب دول العالم أهميتها ودورها في تسليط الأضواء نحو زوايا مُظلمة قد لا تصل اليها مجسّات القضاء وأدواتها الرقابية الحكومية، وخاصة تلك البلدان التي تطفو فوق بحار من الأزمات والفوضى واختلال توازن أنظمة الأجهزة الإدارية للمؤسّسات والدوائر العامة، فذهبت نحو اختصار الجهد والزمن باتجاه تكييف القوانين التي تعزّز دور الصحافة بكل توجّهاتها وتوسّع من مساحة الحرية بالرأي والحركة، وتسارع في التقصّي والتحقيق بكل ما يرد منها من معلومة أو مقترح يعزّز من إجراءاتها في ضبط ومعالجة كل الخروقات.
لا أظن أن أحداً يختلف على حجم الأزمات التي تمرّ بها الرياضة العراقية وهول الشبهات التي طوّقت كل أركانها وسبّبت في إهدار الأموال واختلال ميزان العدالة في اشغال المناصب المفصلية والحساسة وما تبعها من تراجع خطير على مستوى الانجازات الخارجية وتوقف قطار التطوّر وعجزه عن اللحاق بأقرب من كان بالأمس يُمنّي النفس بالوصول لقوّة ومراتب الألعاب الرياضية العراقية.
السؤال الأخطر: كيف نريد تصحيح مسار الرياضة وهناك المئات من الملفات والقضايا التي طرحتها الصحافة الرياضية دون أن تحرّك مدارك القيادات الرياضية في التحقّق والتحرّي بكل ما يرد من معلومات أو حتى تلفت انتباهها في الرد أو إصدار بيان عبر مكاتبها الإعلامية للتوضيح أو للتبرير؟ أظن أن عملية التجاهل لدور الصحفي الرياضي وإهمال كل جهوده سواء بجهل أو بقصد هو إعلان غير مباشر لتحييد موقفه وقتل اندفاعه وحسّه المهني والإقرار بذات الوقت بالتستر على كل الخروقات لحسابات شخصية أو لأسباب نفعية!
أكثر ما يؤلم في مهنة الصحافة هو أن يجد الصحفي الرياضي نفسه في عُزلة مقيّدة وحصار مُحكم لجهوده فرضته إرادة القانعين بفوضى ما يجري على الساحة الرياضية والمتردّدين في تنقية أجواءها من درائن الفساد الذي أصاب نقاء سيرتها العطرة دون أن نجد أفعالاً على الميدان توقف نزيف الأموال وتقطع أيادِ المُبذّرين لها وترمي بالعابثين بمقدراتها خارج أسوار البيت الرياضي.
المسألة تحتاج الى تدخّل حكومي باعتبار أن قطّاع الرياضة يمثل جزءاً حيوياً من منظومة الدولة من خلال استحداث لجنة متخصّصة بالشأن الرياضي ترتبط ضمن مكوّنات هيئة النزاهة وتفتح قنوات تعاون وتنسيق مع اتحاد الصحافة الرياضية والدوائر ذات العلاقة بوزارة الشباب واللجنة الأولمبية ولجنة الشباب والرياضة البرلمانية لمتابعة وتدقيق وحصر كل الملفات والمعلومات ذات العلاقة بالفساد المالي والإداري والتزوير وهدر الأموال وكل ما يعود بالضرر على أموال الدولة وسمعتها أمام المنظمات الدولية، وكذلك سيكون هذا الإجراء بمثابة ردع سلطوي من أعلى قمة في الدولة لكل من تسوّل له نفسه الاستخفاف بالموقع واستحلال مُدّة البقاء فيه أطول فترة ممكنة مثلما يعد الإجراء بمثابة تكريم للصحفي نفسه ومجهوداته ولمؤسسته ومتابعته لكل ما يخلّ باستقرار منظومة الرياضة.
مقترح لا نبغي منه سوى معالجة مشكلات الرياضة التي عبث بها المنتفعون الهاربون من ملاحقة الأقلام النزيهة والوطنية هرباً من عدالة القانون الذي يجب أن تفعّل مواده الحازمة لتتماهى مع الكلمة الجريئة وتحمي الرياضيين جميعاً وهم يتوقون لرمي الفاسدين خلف القضبان كاستحقاق لما ارتكبوه في سوح الألعاب البريئة من انتمائهم إليها!