TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: زهرة المدائن

العمود الثامن: زهرة المدائن

نشر في: 16 مايو, 2021: 10:45 م

 علي حسين

في كل حديث عن القدس نتذكر فيروز، المطربة التي غنت للعشق وللهوى وللأوطان ، والتي لم تكن مغنية فقط، بل فنانة تدرك أن الفن جزء من نضال لا يموت، يستمر ليهز وجدان الناس ومشاعرهم.

في كتاب للمفكر اللبناني فواز طرابلسي بعنوان "فيروز والرحابنة" يكتب أن الأخوين رحباني وهما يقدمان أغنية "زهرة المدائن" كلمات ولحناً، كانا أكبر من كل السياسيين والثورجية الذين وصفهم مظفر النواب أصدق وصف حين قال: "من باع فلسطين سوى الثوّار الكتبة؟".

كلما طافت القدس في الوجدان، نعود إلى صوت فيروز وهو يردد بصلابة: "البيت لنا والقدس لنا.. وبأيدينا سنعيد بهاء القدس.. بأيدينا للقدس سلام آتٍ".

لم تترك فيروز وجهاً من وجوه فلسطين لم تتغزل به، فمن يافا، إلى زهرة المدائن ، الى القدس العتيقة ، مرورا ببيسان ، وياربوع بلادي وليس انتهاء بـ "سيفٌ فليشهر" ، اغنيات أخلصت فيها فيروز لفلسطين كما لم يفعل احد من الفنانيين . يكتب محمود درويش: "قدم الرحابنة فنياً لفلسطين ما لم يقدمه الفلسطينيون أنفسهم. أشهر الفلسطيني هويته الجماليّة بالأغنية الرحبانيّة العربيّة حتى صارت هي إطار قلوبنا المرجعي، هي الوطن المُستعاد وحافز السير على طريق القوافل الطويل".

لم تغن فيروز للقدس من منطق رمزيتها ولا مكانتها التاريخية، ولكنها فضلت أن تتكلم عن القدس بالطريقة التي رأتها بها، وهي تتمشى في شوارع المدينة العتيقة فغنت عن الشوارع والأبواب والشبابيك والبيوت، وانطلقت من كل هذه الأمور البسيطة في تكوينها إلى دعوة كبرى لإيقاظ الضمير لنصرة فلسطين.

في أُغنية "زهرة المدائن" كانت فيروز قد سجلت حضورها في تاريخ المدينة عندما قالت بثقة: "مريت بالشوارع... شوارع القدس العتيقة، قدام الدكاكين... البقيت من فلسطين، حكينا سوى الخبرية وعطيوني مزهرية، قالوا لي هيدي هدية من الناس الناطرين " .

اختصرت فيروز في اغنياتها حقيقة بلداننا، والمآسي التي نعيش في ظل انظمة سياسية لا تزال تتقاتل من اجل الكرسي والطائفة .

تعود القدس هذه الايام الى واجهة الاحداث ، وهي التي لم تغب يوما عن ضمائر الاحرار ، ، نتذكرسعيد عقل وهو يصرخ من خلال صوت فيروز : " أنا لا أنساكِ فلسطينُ ويشدّ يشدّ بِيَ البعدُ ..أنا في أفيائك نسرينُ أنا زهر الشوك أنا الوردُ

نتذكر فيروز ونحن ننظر الى ما يدور في فلسطين ، تلك البلاد التي تعيش أكبر مأساة، عندما تآمر الاستعمار لاستبدال اسرائيل بزهرة المدائن غير أنه ترك لنا أيضاً انقلابات عسكرية كانت ذريعتها الوحيدة لاضطهاد الشعوب هي قضية فلسطين ، وترك لنا قادة يتركون الاطفال وكبار السن تحت رحمة نيران الطائرات والمدافع ، ويذهبون في رحلة استجمام خارج غزة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram