علي الياسري
مستنداً على مذكرات الكاتبة جوانا راكوف عن تلك السنة التي قضتها بالعمل في واحدة من أقدم الوكالات الأدبية هارولد اوبر اسوشيتس والتي كانت ترعى مصالح الكاتب الشهير سالنجر يقدم المخرج الكندي فيليب فالاردو فيلمه الذي كتب السيناريو له بمعية الكاتبة في نظرة على أسرار غموض عزلته
الذي اخترقت راكوف ستاره وكتبت بكثير من العاطفة لما كانت تراه في رسائل المعجبين الواصلة لسالنجر وكيف سمحت لها الظروف في التواصل معه رغم انزاؤه ومع رسائل القراء متجاوزة الحظر المفروض في عدم الرد عليها وعن أشياء أخرى يمر عليها سيناريو الفيلم.
المُطلع على أفلام فاردو ومنها الفيلم الجميل (السيد لزهر) يدرك أن معالجاته تعتمد الاستكشاف الشعوري وتلمس جوهر التواصل الإنساني المنعكس من مساراته الحياتية المختلفة وكيف يمكن دائما اعادة النظر على ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بعين تختبر القدرة على ديمومة الاحساس والمشاركة. تبدو رحلة الفرد فيها مزاج خالص يتغير حسب طبيعة المحطة التي يقف عندها قطار العمر وفي كل تجربة يزداد معرفة بالذات والمحيط لما هو افضل رغم الخيبات، وهي ايضا تطلع دائم لفعل انساني أكثر إيجابية.
في (عامي مع سالنجر) يترصد فاردو كثيرا أسئلة دائمة ندرك فيها كيفية تأثير الكلمة على القارئ والى أي حد يمكن أن تغير من واقعه كما في حالة رواية (الحارس بحقل الشوفان) وشخصية هولدن. نرى آفاق الروح وتجاذباتها بين خيال الكتابة الفضفاض وضيق الواقع وتصلب الاستيعاب، يمضي الفيلم على سجالات التقاليد وجرأة التطلع للتجديد بلمسات كوميديا خفيفة. بين حدود كل ذلك تنضج تجربة شخصية للكاتبة افرزت بالنهاية نظرة أكثر تبصراً بما تبتغيه وتسعى إليه.
ربما يكون الفيلم نمطياً في الطرح السينمائي لكنه بالنهاية لا يخرج عن سياق ما تبناه الكتاب من السعي لروح المشاركة وأهمية الألفة في جعل عالمنا أكثر احتمالاً.