علاء المفرجي
اخترنا في هذا المكان أن تكون لنا وقفة مع الدراما العربية والمحلية في موسم رمضان، وهو الموسم الذي أصبح ميداناً مهماً لتنافس هذه الأعمال، وتميزها، فالموسم الحالي كان مزدحماً بالأعمال الدرامية العربية التي هيمنت على برامج الفضائيات العربية، واستقطبت جمهوراً واسعاً من المشاهدين، وهي أعمال من دول عربية مختلفة.
قلنا في مناسبة سابقة إن الحضور الواضح للدراما المصرية، بل وسيادتها بتراكم خبرتها وتاريخها، بل وحتى في انفرادها في المشهد الدرامي العربي فترة ليست بالقليلة.. قد شهد تنافساً حقيقياً من أقطاب إنتاجية واعدة في مقدمتها بلدان عربية مثل سوريا؛ وتنامي نشاط شركات الإنتاج الخاصة في الوطن العربي، بشكل لافت، ودخولها في شراكة مع المؤسسات التلفزيونية الحكومية مما أسهم في ارتفاع حجم الإنتاج وتحسن جودته، تمثلت بالدراما السوريّة واللبنانية بل وحتى الخليجية التي استطاعت أن تحقق وجوداً نوعياً (تحديداً في العقد الأخير)، لكن هذا الأمر لم يدم طويلاً، وهذا ما بات واضحاً في هذا الموسم.
فالدراما المصرية عادت مرة أخرى الى الواجهة في هذا الموسم لتخرج من حومة المنافسة منتصرة.. ولكن بانتظار معركة أخرى للدراما السورية لتستعيد تألقها (والتي سيكون لنا وقفة معها أيضاً)..
فالدراما المصرية قدمت لوحدها ما يقرب من ثلاثين عملاً درامياً، وهو عدد كبير إذا ما علمنا أن نسبة الأعمال الدرامية الجيدة عالية، تلك التي تضمنت نصوصاً مختلفة وخارجة عن مألوف النصوص الدرامية الأخرى، والتي لاقت إستجابة طيّبة من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء،في مقابل عدد من الأعمال الدرامية التي ما زالت غارقة في نمطيتها التي عايشناها سنوات طويلة من خلال الأفكار التي تناولتها والقصة المسطّحة بل والإداء النمطي الذي لطالما قدمه بعض النجوم مثل محمد رمضان ومصطفى شعبان وآخرين.
وقد استفاد صناع الدراما المصرية من درسين مهمين، ليضع البعض منهم وخاصة الشباب خططاً (ستراتيجية) بديلة لتعيد الدراما المصرية الى موقعها الطليعي في الدراما العربية، بعد ما واجهت –كما أسلفت_ منافسة بل تفوقاً واضحاً من أقطاب درامية أخرى وخاصة السوريّة، الدرس الأول هو هُزال الكثير من النصوص الدرامية، لتعود الى ازدهارها في بداية السبعينيات من القرن المنصرم باسماء كتّاب سيناريست عملوا للتلفزيون حصراً أمثال أسامة أنور عكاشة الذي ترتبط باسمه صفوة الأعمال الدرامية المصرية، وفيما بعد وحيد حامد. أما الدرس الثاني فكان حجم المنافسة غير المتوقعة من باقي الأقطاب الانتاجية.
فخبرة هذه الدراما وتاريخها الطويل هو الكفيل بتجديد شكل الدراما المصرية بما يتلاءم مع الذائقة الجديدة أيضاً.
وإذا ما عدنا الى غلة دراما هذا الموسم، والتي تمثلت بعدد من الأعمال الدرامية المتميزة التي جاءت بأعمال مبتكرة وغير مطروقة سابقاً، لعرفنا أن البديل لهذه الدراما جاهز، فمستوى تكنيك الكتابة، والأداء، فلِمَ ورش السيناريو مصممة للأعمال الهابطة بل هي إجراء مهم في صناعة سيناريو محكم وناجح. خاصة وقد انتبهت الدراما المصرية الى ضرورة تمثل الوقائع والأحداث الكبيرة في مصر، ومن ثم إعادة انتاجها درامياً، من مثل مواجهة الارهاب بكل مسمياته، فجاءت أعمال مثل (الاختيار) بجزئيه، الذي ارتكز أساساً على سيناريو من هذا النوع، والذي وفّق كثيراً في مزج الوثيقة بالعمل الفني، وبمعالجة ناجحة استوعبت دلالات هذه الكتابة وأعني السيناريو. هذا فضلاً عن الإداء المبهر للكثير من أبطال هذا العمل، وهذا الأمر ينطبق على (القاهرة كابول)، (وهجمة مرتدة).
العمل الآخر الذي خرج تماماً عن أساليب الكتابة الدرامية البالية، واستطاع أن يطرق محاور مهمة يعيشها المواطن المصري، منها الهجرة الى مدن (الأحلام)، والزواج العرفي، وقوة المال، وغيرها، لينسج منها عملاً درامياً سيبقى في ذاكرة المتلقي زمناً طويلاً، إضافة الى عمل درامي آخر، وكذلك (نجيب زاهي زركش) الذي يؤكد فيه يحيى الفخراني، إنه ممثل لايقبل إلا بالجيد.
يتبع