TOP

جريدة المدى > محليات > تحذيرات من جفاف دجلة والفرات.. إيران غيّرت مجرى الروافد فأصبحت الإيرادات صفراً

تحذيرات من جفاف دجلة والفرات.. إيران غيّرت مجرى الروافد فأصبحت الإيرادات صفراً

نشر في: 19 مايو, 2021: 10:16 م

 تركيا ضربت عرض الحائط المواثيق الدولية بشأن حصة العراق من المياه

 المدى / جبار بچاي

حذّرت الخبيرة في الهندسة البيئية، الدكتورة سعاد ناجي العزاوي من جفاف نهري دجلة والفرات كلياً نتيجة بناء السدود في تركيا وإيران وحتى في منطقة كردستان على نحو كبير، فيما رأى خبير قانوني أن تركيا ضربت عرض الحائط المواثيق والبروتوكولات الدولية بشأن تنظيم المياه بين الدول المتشاطئة وألحقت ضرراً كبيراً بالعراق.

وأكدت العزاوي أن "موارد دجلة انخفضت حالياً الى الثُلث حيث كان يدخل العراق سنوياً بحدود 80 مليار متر مكعب من المياه في السبعينيات والآن أقل من 30 مليار متر مكعب وسيصبح بحدود 15 مليار متر مكعب في العقد القادم"، متوقعة "جفاف نهري دجلة والفرات كلياً عام 2040."

وقالت العزاوي في حديث لـ (المدى)" اعتقد أن هنالك ضرورة للتركيز على موضوع تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات نتيجة بناء السدود من قبل تركيا وإيران وحتى في منطقة كردستان والتي أنجز منها بحدود 17 سداً منذ عام 2006 ولا يزال العمل مستمراً لإنجاز عدد آخر من تلك السدود ،حيث تم برمجة تنفيذها من قبل حكومة إقليم كردستان العراق عام 2019 على روافد نهر دجلة ( الخابور والزاب الأعلى والأسفل وسيروان والعظيم ) بدون موافقة حكومة المركز في بغداد على بعضها.

وأوضحت أن " بناء تلك السدود يتزامن مع استمرار كل من إيران وتركيا ببناء أكثر من 60 سداً كبيراً على منابع نهري دجلة والفرات في أراضيها خلال العقود الأربعة الماضية." مشيرة الى أن "إيران قامت بحجب مياه 35 رافداً من الروافد الرئيسة التي تصب في الأراضي العراقية أهمها ( أنهار الكارون والكرخة ودويريج والطيب والوند وسيروان ) وبناء عشرات السدود ضمن خطة تهدف لبناء المئات من هذه السدود على الأنهار في المناطق المحاذية للعراق يهدف معظمها لتحويل كميات كبيرة من مصادر مياه المناطق الغربية والشمالية لإيران و المتاخمة للعراق الى وسط وشرقي إيران خلافاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بالحفاظ على مجاري الأنهار الطبيعية ومكوناتها الإحيائية وكذلك اتفاقية هلسنكي الخاصة باستخدامات وتقاسم مياه الأنهار الدولية المشتركة بين أكثر من بلد في الحوض الواحد للأغراض غير الملاحية."

وأضافت أن " هذا العدد الكبير من السدود التي بنيت على الروافد التي تصب في نهر دجلة سواء كانت في الجانب التركي أم الإيراني أم سدود صغيرة بنيت في حدود إقليم كردستان أدت الى انخفاض موارد دجلة الى الثلث تقريباً وسوف تنذر بكارثة كبيرة على مستقبل المياه في البلد."

وتساءلت العزاوي عن " خطط و إجراءات حكومة العراق لمواجهة مشكلة المياه إزاء التوقعات العلمية التي تشير الى احتمالية جفاف النهرين بحدود 2040 وعندها ستحل كارثة كبيرة في بلد الرافدين بعد أن يصبح بلا مياه بفقد رافديه ( دجلة والفرات ) إضافة الى فقد الروافد القادمة من دول الجوار التي كانت تغذّيه بالمياه ."

إجراءات خجولة

وقالت إن " الإجراءات التي تقوم بها الحكومة العراقية سواء على الصعيد السياسي من خلال وزارة الخارجية أو عبر الطرق الفنية من خلال وزارة الموارد المائية لا تزال خجولة ودون مستوى الطموح وهناك إجراءات أكثر فاعلية يمكن أتباعها لضمان حق العراق في الحصول على المياه بموجب القوانين والقرارات الدولية النافذة."

واعتبرت " عامل الضغط الاقتصادي أحد الأبواب التي ينبغي أن يتبعها العراق مع كل من تركيا وإيران للحصول على حصته الكافية من المياه بعد اللجوء الى وقف استيراد السلع والبضائع المختلفة من كلا الدولتين ما لم تكن هناك ضمانات أكيدة وواضحة لحصول العراق على حصته الكافية والعادلة من المياه."

وتؤكد العزاوي أن " موضوع شُح المياه في دجلة والفرات يتم التطرق له دائماً كرد فعل على ما تقوم به إيران او تركيا ولا يتم التطرق له بشمولية أعمق وأدق مع ضرورة مشاركة الجوانب السياسية مع الفنية ويكون الرأي العراقي والقرار واحد يذهب باتجاه مصلحة البلد والشعب وليس تبعاً للمصالح الجانبية أو الفئوية التي لا يهمها مصلحة البلد وحقوق شعبه." وأوضحت " أن قطع المياه عن النهرين له تأثيرات كبيرة على الأمن المائي والغذائي للعراق حيث تقلصت مساهمة القطاع الزراعي في إجمالي الناتج المحلي من 25% خلال مرحلة السبعينيات الى حوالي 3.06% فقط خلال عام 2016 يضاف إليها استمرار تناقص مساحات الأهوار منذ السبعينيات لحجب الموجات الفيضانية لنهري دجلة والفرات بمشاريع السدود العملاقة في تركيا ثم في إيران وانخفاض كميات الموارد المائية السنوية." وقالت " نلاحظ أن تناقص مساحات الاهوار جنوبي العراق خلال العقود الأربعة الماضية جاء متناسباً مع التناقص التدريجي في كميات الواردات المائية الداخلة للعراق من دول المنبع وباستمرار بناء المزيد من السدود وإنفاق تحويل مياه روافد نهري دجلة والفرات قبل دخولها للعراق فان هذه الأهوار ستجف حتماً." وأضافت " سوف يصاحب هذه الخسارة فقدان العراق للثروة السمكية والتنوع الإحيائي النهري وتقلص بساتين النخيل الى ثُلث ما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي نتيجة انحسار مساحات الأنطقة الفيضانية بتغير عمق ومناسيب النهرين وتغير نسبة رطوبة التربة وارتفاع الأملاح فيهما وانخفاض مناسيب المياه الجوفية السطحية المرتبطة بالنهرين، كذلك ازدادت مساحات الأراضي الصحراوية والمهدّدة بالتصحّر الى 92% وفق ما جاء في تقارير وزارة البيئة في العراق."

وقالت "لقد تحولت الكثير من الأراضي الزراعية وسط وجنوبي العراق الى أراضٍ جرداء غير قابلة للسكن والعيش بعد توقف الزراعة فيها مما أدى لتسارع هجرة المزارعين الى المدن خلال العقد الماضي وفق تقارير منظمة الهجرة الدولية IMO." وأوضحت أن " ما يدخل العراق سنويا من المياه كان بحدود 80 مليار متر مكعب في سبعينيات القرن الماضي والآن أقل من 30 مليار متر مكعب وسيصبح بحدود 15 مليار متر مكعب في العقد القادم ويمضي هذا التراجع لتحل كارثة حقيقية ما لم يتم اتخاذ إجراءات طارئة وقوية تضع مصلحة العراق فوق كل الاعتبارات وأن لا تجامل حكومته أياً من الدولتين على حساب المصلحة العراقية."

العراق بحاجة الى استخدام نظام الري المُقنّن

واعتبرت العزاوي وهي استاذ مشارك في الهندسة البيئية، دكتوراه في الهندسة الجيوبيئية من جامعة كولورادو للمناجم في أمريكا وانجزت العديد من البحوث في كلية الهندسة/ جامعة بغداد منها أن " المضي باستخدام الاساليب التقليدية في التعامل مع المياه يعد أحد أهم الأسباب التي تساعد على هدر كميات كبيرة منها في ظل قواعد عمل قديمة وبالية ولا تعتمد على نطاق واسع على سبيل المثال أسلوب الري المقنن ومن أمثلته الري بالرش أو التنقيط وكلاهما شاع استخدامهما حتى في البلدان النامية مما ساعد على نحو كبير في تقليل عمليات الهدر غير المبررة في المياه إضافة الى أن هذا النوع من التعامل مع أنظمة الري من شأنه أن يعطي نتائج كبيرة على صعيد كمية الإنتاج الزراعي ونوعه."

ونظمت وزارة الموارد المائية في آذار 2013 أول مؤتمر دولي للمياه يهدف الى التخطيط والإدارة الرشيدة لموارد المياه لتحقيق استدامتها بمشاركة جهات حكومية عراقية ودولية ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بالمياه، إضافة إلى جامعة الدول العربية والدول المتشاطئة مع العراق وتركيا وإيران وسوريا دعا خلاله العراق الى الإنصاف والمساواة في توزيع المياه ، مؤكداً ضرورة معالجة التحديات في هذا الملف لضمان حقوق الأجيال القادمة. ويواجه قطاع الموارد المائية تحديات عديدة أبرزها شُحها، والتغيير المناخي، وتذبذب سقوط الأمطار في حوضي دجلة والفرات والتي تتفاوت من موسم الى آخر لتصل في بعض المواسم الى الذروات الفيضانية مقابل الانحسار الكبير في مواسم أخرى .

وكان العراق قد وقع مع تركيا في كانون الأول 2014، مذكرة تفاهم في مجال المياه، تضمنت 12 مادة، أبرزها تأكيد أهمية التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين، وتأكيد أهمية تقييم الموارد المائية.

ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران ويلتقي النهران قرب مدينة القرنة شمال محافظة البصرة ليتشكل بالتقائهما شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.

وكانت وزارة الموارد المائية قد قدمت مطلع آيار الحالي بروتوكولاً حول ملف المياه للجانب التركي وهناك مباحثات مستمرة بشأنه من أجل الوصول إلى صيغة نهائية للبروتوكول.

تركيا لا تحترم اتفاقيات تقاسم المياه

من جانبه قال الخبير القانوني علي التميمي إن "تركيا لم تُقم وزناً للاتفاقيات والبروتوكولات ومبادئ القانون الدولي التي تحكم توزيع مياه الأنهار على الدول المتشاطئة , كما أنها لا تقبل بالمبدأ الدولي كون العراق لديه حقوق مكتسبة وحقوق تاريخية تؤكد حقه في استخدام المياه وبالتالي فأنها لا تحترم اتفاقيات تقاسم المياه "

مؤكداً أن "تركيا تلجأ دائماً الى إطالة أمد المفوضات كلما طلب العراق ذلك على أمل تحقيق أهدافها والاستحواذ على أكبر كمية من المياه عن طريق بناء السدود في المناطق المحاذية للحدود العراقية والتي تقع ضمن خط مسار منبع دجلة والفرات "

مشيراً الى أن " أهم الاتفاقيات والبروتوكولات بشأن حصة العراق المائية مع تركيا هي : اتفاقيات لوزان المعقودة بين تركيا والحلفاء بتاريخ 2 تموز 1923 الخاص بتنظيم المياه بين الدول المشاطئة وعدم الإضرار بهما .

• معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين تركيا والعراق بتاريخ 29 أذار 1946 والبروتوكول رقم (1) الملحق بها حيث نصت المادة الخامسة :ـ

توافق تركيا على اطلاع العراق على أية مشاريع خاصة قد تقرر أنشاءها على نهري دجلة والفرات أو روافدهما وذلك لغرض جعل الأعمال التي تخدم على قدر الإمكان مصلحة العراق كما تخدم مصلحة تركيا .

• بروتوكول التعاون الاقتصادي والفني بين الدولتين الموقع في 17 / 1 / 1971 المادة (3) , يُشرع الطرفان في أسرع وقت ممكن بالمباحثات حول المياه المشتركة وبمشاركة جميع الأطراف .

• بروتوكول عام 1989 الذي تعهدت تركيا بموجبه بتمرير حصة لكل من سوريا والعراق وعدم الإضرار بالدولتين وقد صدق هذا البروتوكول لدى الجامعة العربية في 22/3/2007.

وفيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية بشأن الأنهر الدولية كشف التميمي عن أن تركيا تجاهلت أيضاً مبادى القانون الدولي التي تعتبر النهر الدولي إذا كان حوضه يمر بأقاليم مختلفة فان لكل دولة تباشر سيادتها على ما يمر في إقليمها من النهر مع ضرورة عدم الإضرار بمصالح الدول الكبرى وهذا ما أكدته قواعد هلسنكي لعام 1966 وفقاً لنظرية حقوق الدول المشاطئة , وهذا ماأكدته محكمة العدل الدولية وفقاً لاختصاصها الوارد في المادة ( 38 ) من نظامها الداخلي .

* قانون المجاري الدولية غير الملاحية لعام 1977 وفي المادة ( 11 منه ) ضرورة إطلاع دول المجرى المائي على كافة المعلومات والتشاور بعضها مع البعض الآخر

• القواعد الدولية للأمم المتحدة وفقاً للوثيقة المرقمة 492/4 والمؤرخة في 17 حزيران 1994 ( المادة 2 ) على دول المجرى المائي الدولي قبل أن تقوم أو تتخذ تدابير تجاه المجرى أن توجّه الى تلك الدول إخطاراً يتضمن بيانات ومعلومات عن المشروع المراد تنفيذه وفقاً للعُرف الدولي والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن . والمتضمنة تقويم الآثار لتلك التدابير والنشاطات على حقوق الدول المتشاطئة . وخلص الى القول بأن "مشكلة المياه بين الدول المشاطئة مع سوريا وتركيا وإيران قائمة ولن يتم حلها خاصة بالنسبة الى إيران التي جفّفت مصادر المياه الوافدة الى العراق الذي أخذ يعيش وضعاً مأسوياً خلال العقود المنصرمة جراء تراجع مستوى الواردات المائية من نهري دجلة والفرات ."

مؤكداً أن " الأمن المائي يعتبر الرديف الأساس للأمن الغذائي ولذلك فبدون وفرة مائية مبرمجة ومسيطر عليها يصعب التخطيط للقيام بمشاريع زراعية أو غيرها في بلد الرافدين ."

ويلعب تغيير المناخ وارتفاع عدد السكان دوراً في ظهور أزمة المياه في العراق، حيث كشفت وزارة الموارد المائية أنه بموجب الاتفاقيات التي عقدها العراق مع دول الجوار، ستخفض نسبة المياه الواصلة إلى العراق من تلك الدول بنسبة 30% بحلول عام 2035.

يذكر أن العراق يعاني منذ سنوات انخفاضاً متواصلاً في الإيرادات المائية عبر دجلة والفرات، وفاقم أزمة شُح المياه كذلك تدني قلة الأمطار في البلاد على مدى السنوات الماضية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ذي قار.. التضييق على حرية التعبير يطال ناشطات والأوساط المجتمعية تستهجن
محليات

ذي قار.. التضييق على حرية التعبير يطال ناشطات والأوساط المجتمعية تستهجن

 صدور أوامر قبض واستخدام المداهمات الأمنية للقبض على ناشطين عبروا عن آرائهم في مواقع التواصل ذي قار / حسين العامل أعربت أوساط مجتمعية في ذي قار عن استهجانها من استخدام أسلوب المداهمات الأمنية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram