TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عديلة بـ الجرماني

العمود الثامن: عديلة بـ الجرماني

نشر في: 19 مايو, 2021: 10:20 م

 علي حسين

اكتشف الألمان، ولسوء طالعهم، أن هناك مجرمة تعيش بينهم لا يمكن طلب الغفران لها وعليها أن تقدم اعتذارها للشعب علناً، وقبل الاعتذار، أن تقدم استقالتها من منصبها لأن بقاءها يضر بمصلحة الشعب الألماني ويسيء لسمعة ألمانيا بين شعوب العالم.

المجرمة هي السيدة "فرانسيسكا غيفي" وتتولى وزارة الأسرة الألمانية، وهي شخصية تحظى بشعبية كبيرة، ومرشحة لأن تتولى منصب رئيسة بلدية برلين، لكن خبرها الذي تصدر كبرى الصحف وأصبح مادة دسمة للفضائيات جعلها تقرر اعتزال السياسة حيث كانت عضواً بارزاً في الائتلاف الحاكم.

حين سمعت بالخبر قبل قراءة تفاصيله تصورت أن الوزيرة "لفلفت" مليار دولار من أموال الكهرباء مثلما فعل " المناضل " ايهم السامرائي ، أو أنها استوردت أسلحة فاسدة راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وقلت مع نفسي حتماً ارتكبت هذه السيدة معصية كبيرة كأن تكون استوردت "نعل " طبية بملايين الدولارات ، وتركت عشرات الاطفال يموتون حرقا في مستشفى حكومي ، وذهب خيالي بعيداً، وقلت بالتأكيد أن هذه السيدة تقف وراء سقوط الموصل بيد داعش ، أو أنها شريك في صفقة هياكل المدارس الحديدية التي لم ترَ النور. ولكن حين قرأت الخبر أدركت أنني تجنيت على مسؤولينا كثيراً حين اتهمتهم بالفساد وسرقة المال العام والانتهازية والتزوير، فهذه "الجرمانية" ارتكبت جرماً أشد وأبشع من كل ما فعله جمال الكربولي وعائلته، فقد اقتبست السيدة فرانسيسكا فقرات من بعض الكتب أثناء إعدادها لرسالة الدكتوراه من دون أن تشير إلى هذه المصادر، ورغم أن التحقيق لم ينته ولم تثبت إدانتها، لكنها قررت أن تغادر منصبها لتفسح المجال للقضية أن تأخذ مجراها دون التأثير من وزير أو مسؤول كبير.

في ألمانيا " الكافرة " هبت العاصفة، إذ كيف يمكن الوثوق بوزيرة غشت في أطروحتها الدراسية؟، ولم تخرج السيدة على الناس وتقول إن عدد من انتخبوها يفوق عدد الذين اكتشفوا خيانتها العلمية، ولم تصرح بأن استقالتها تعد انقلاباً على الديمقراطية، ولم تتهم المنددين بها بأنهم من أذناب هتلر ويريدون إعادة الحزب النازي، وأنهم يخططون للانقلاب على العملية السياسية، فقط اكتفت بأن اعتذرت من الشعب الألماني وقدمت استقالتها من الحكومة. لو سألت أي مواطن عراقي عن موقف الوزيرة الألمانية، فقد يموت قهراً أو ضحكاً، أما لو سألت أي مسؤول عراقي عن رأيه لسارع على الفور باتهام الوزيرة بأنها إما ساذجة أو مجنونة!. هل هناك مسؤول سياسي يشعر بالحرج؟، وإذا شعر هل يفكر في الاستقالة؟، هذا في عرفنا أقصى حالات التطرف، فالعاقل من يمسك بالمنصب بيديه وقدميه وأسنانه تعاونه طبعاً شلة من المنتفعين والانتهازيين الذين يرددون بصوت واحد :" عديلة يا عديلة..الوطن كلة شعبهة تلوكلهة الوزارة".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram