عباس الغالبيلم يكن هنالك تحول أساسي في الاقتصاد العراقي بعد عام 2003 على الرغم من اليافطات العريضة التي رفعت بعد دخول القوات الامريكية للعراق والتي كانت تبشر بالانتقال المفاجئ الى آليات اقتصاد السوق ، حيث ما انفك الاقتصاد العراقي ريعياً أحادي الجانب مع تلازم لاختلالات هيكيلية وسمت جبينه ، فسيطر النفط على هيكل التجارة الخارجية وساهم بأكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي واصبح المصدر الاساس في تمويل الموازنة العامة للدولة.
وظلت الصفة الريعية ملازمة للاقتصاد الوطني منذ عام 2003 وحتى الآن بحيث أدت الى بروز مجموعة من الظواهر الاقتصادية التي يعبر عنها اصطلاحياً (الآثار المنحرفة للريع) ، فظهرت نزعة استهلاكية واضحة للعيان في ظل بروز ظاهرة الاستيراد الحر الذي أدى الى اغراق سلعي أفضى الى انحسار أو اختفاء الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتراجع الصناعات الكبيرة التي اصبحت لا تقاوم ظاهرة الإغراق السلعي الكبيرة التي شهدتها الاسواق المحلية.واذا ما أخذنا بنظر الحسبان تراجع النشاط الانتاجي الصناعي والزراعي على حد سواء وما يتطلبه العراق من أمن غذائي يتحقق من خلال القطاع الزراعي الذي يعاني من تراجع خطير ، حيث اعتمد العراق خلال السنوات المنصرمة على الاستيراد الحر المنفلت في احايين كثيرة حتى اصبح حالياً أسير الاستيرادات الاجنبية ولاسيما في ما يتعلق بالمواد الغذائية التي تلامس بشكل مباشر حياة المواطن العراقي الذي وجد ضالته في المستورد الاجنبي .ومانره مناسباً ان يتم الانتقال بشكل تدريجي الى فضاءات الاقتصاد الحر مع بقاء النشاط الحكومي موجهاً ومخططاً للنشاطات الاقتصادية واعطاء زمام المبادأة للقطاع الخاص الذي يفترض ان يأخذ دوره الطبيعي في النشاط الاقتصادي والاستثماري برمته ، مع ضرورة ان يكون القطاع النفطي منتجاً للثروات والصناعات الاخرى سعياً لتحريك عجلة الانتاج المتوقفة.ولعل الاستثمارات وضرورة خلق بيئة خصبة مثلى وآمنة للاستثمار تعد ضرورة قصوى للقطاعات الاقتصادية كافة ، حيث يتطلب من الحكومة المقبلة السعي الجاد الى خلق مناخات استثمارية قادرة على جذب المستثمرين وبالتالي دخول الشركات الاستثمارية العالمية المتطلعة للاستثمار في العراق، وهذا ما لمسناه من خلال النتائج التي أفضت اليها المؤتمرات الاستثمارية التي عقدت في العراق وفي عواصم عالمية مهمة خلال النصف الاخير من العام الماضي 2009 التي أكدت على الرغبة الاكيدة الى الاستثمار في العراق ودخول سوق العمل العراقية بقوة انطلاقاً من قناعتهم بان السوق العراقية تعد سوقاً واعدة تمتلك من عناصر الجذب والنجاح الاستثماري ما لم تمتلكها الأسواق الأخرى ، الا انها بحاجة ماسة إلى الاستقرار السياسي والامني الذي يؤدي بدوره الى مناخ استثماري أمثل قادر على تلبية متطلبات القطاعات الاقتصادية كافة .ويمكن للمستثمر ان يرى حجم الاستثمارات التي تتطلبها قطاعات كالاسكان مثلاً او السياحة او الطرق او الجسور أو الخدمات الأخرى فضلاً عن قطاعات الكهرباء والصحة والنقل والاتصالات فهي زاخرة بالمشاريع التي تمثل سوق عمل جاذبة للشركات العالمية كافة.
اقتصاديات: متطلبات النهوض الاقتصادي
نشر في: 24 مايو, 2010: 04:44 م