TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: سلطة تحتقر الثقافة

العمود الثامن: سلطة تحتقر الثقافة

نشر في: 22 مايو, 2021: 10:50 م

 علي حسين

كلهم، من دون استثناء، ينظرون إلى الثقافة، باعتبارها كماليات زائدة لا يحتاجها المواطن العراقي في زمن القادة "المؤمنين". أنت مواطن مثقف ما دمت تذهب إلى صناديق الاقتراع تنتخب جماعتك، وتمنحهم صوتك، وأنت مغمض العينين. فالدولة تنظر إلى المثقف باعتباره كائناً غريباً،

لا يحق له أن يطالب بتوفير كتاب رخيص الثمن، ومشاهدة مسرحية راقية، ومتابعة ما تجود به الفرقة السيمفونية. فمهمة الدولة في بلاد الرافدين تعبيد طرق الآخرة أمام الناس، ألم يصرخ أحد النواب في زمن "المفكر" إبراهيم الجعفري "ياجماعة حرام تخصصون أموال لوزارة تدعم الراقصات".. كانت هذه هي المسخرة التي عشنا فيها منذ أن قررت الدولة منح وزارة الثقافة لضابط شرطة، ومن بعده لقاتل، ثم تسلمها لسعدون الدليمي الذي حول اموال الثقافة إلى وزارة الدفاع تحت شعار "كل شيء في سبيل المعركة" وكانت معركته الحقيقية هي وضع حجر الأساس لدار أوبرا وهمية، وصرف مئات الملايين على نشاطات لا تمت للثقافة بصلة، واختصار فعاليات بغداد عاصمة الثقافة بحفل لمطربة درجة عاشرة اسمها "مادلين مطر "ونهب أكثر من 400 مليون دولار ، في الوقت الذي عجزت فيه عن إعمار مسرح الرشيد الذي وقف على خشبته نجوم المسرح العراقي.. بالأمس وأنا أتجول في شارع المتنبي التقيت الصديق عارف الساعدي مدير عام دائرة الشؤون الثقافية، وتحدثنا عن هذه الدار العريقة التي أصدرت مئات الكتب، وكانت في السبعينيات والثمانينيات أشهر دور النشر العربية، تتسابق البلدان للحصول على مطبوعاتها، فإذا بها اليوم تعجز عن طبع كتاب والسبب باختصار، كما قال الصديق الساعدي، إن الحكومة قررت أن تحول هذه الدار العريقة إلى نظام التمويل الذاتي، وأن لا تخصص لها "درهماً" واحداً في الموازنة، مثلما تخصص لنثريات المسؤولين وأثاثهم الفاخر ومخصصاتهم المليونية.. تخيل جنابك أن دولة نفطية مثل العراق تعجز عن توفير مليون دولار سنوياً لدعم صناعة الكتاب في العراق، لكنها تهدر مليارات الدولارات في مشاريع وهمية، وتقرر في لحظة تجلٍ أن تمنح الجيش اللبناني ملايين الدولارات لمساعدته في أزمته المالية، قبل أشهر كنت قد قرأت هذا الخبر المثير والذي يقول إن "الحكومة البريطانية، خصصت مبلغ "2" مليار دولار لمساعدة قطاع الثقافة في البلاد على مواجهة تداعيات جائحة كوفيد-19"، تخيل جنابك أن دولة لا تملك موارد مثل العراق تطبع كل عام آلاف العناوين و تقدمها للقراء بأسعار زهيدة.. وأعني بها مصر التي يصر مسؤولوها على أن تبقى منارة للثقافة ولصناعة الكتاب، في الوقت الذي تمد وزارة الثقافة العراقية يدها لجهات مانحة كي تساعدها على طبع ديوان الجواهري.. أيها السادة استقطعوا مليون دولار من مخصصات "الشاي والقهوة" في مكاتب الرئاسات وامنحوا هذا المبلغ لدار الشؤون الثقافية، من أجل أن تعود العافية للكتاب العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram