TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على فكرة: الأكاديمي الألكتروني

على فكرة: الأكاديمي الألكتروني

نشر في: 24 مايو, 2021: 11:04 م

 د. أحمد الزبيدي

سرعان ما يقود مصطلح (الأكاديمية) القارئ الكريم إلى (الجامعة) بوصفها مؤسسة (حكومية) يشتغل فيها نخبة من الأكاديميين الحاصلين على الشهادة العليا: ماجستير أو دكتوراه..

بحيث لو حصل أحدنا عليهما ولم يدرس أو يعمل في تلك المؤسسة لا (يُستَحب) أن يُلَقّب بالأكاديمي حتى يرد عليه (التعيين) .. وحين فتحت التعيينات عام 2005 في عهد وزارة الدكتور سامي المظفر وزير التعليم العالي والبحث العلمي ظهر مصطلح (الأكاديمي الموظف) ليميز مَنْ يحمل شهادة عليا ولكنه تعين (موظفاً) يشتغل بالإدارة لا بالتدريس. ولكي يُمنح الموظف الجديد الخدمة الجامعية عليه – قانوناً - أن يُدرّس بساعات تكفيه (لمضاعفة الراتب).

وبعيداً عن المعجم الإداري، وقوانين الوجبات السريعة، وقريباً من (معجم مصطلحات النقد المعاصر) نجد أن الأكاديمية: مصطلح قار، يعبر عن صفات ثقافية لا إدارية، ومنها : صفة لكل متميّز بالعلم وجدّية البحث، في إطار علاقته بجامعة أو مؤسسة، وهي تظاهرة ثقافية لترسيم المعرفة ...

وبتعبير آخر فإن الحس العلمي والمنهجي المنضبط الذي يميز مجموعة من الباحثين في مجال معين ضمن مكان معين هو الصفة الأبرز التي تميز الباحث الأكاديمي عن سواه، وكوني أكاديمياً متعيّناً بفضل سامي المظفر، ومارست التعليم في العراق لما وصل لحد الآن إلى أربعة عشر عاماً أجد أن مصطلح الأكاديمي في ضوء دلالته المعجمية الاصطلاحية المعرفية أو الثقافية وفي ضوء صفته الأصلية في وادٍ، والتعبير الإداري الحكومي في وادٍ آخر؛ إذ لا يمتلك (الموظف) الجديد قدرة أو حرية تسمح له بمخالفة المألوف؛ فالخطأ الشائع (أسلم) بكثير من الصحيح الضائع !!

كنت أظن أنها نصيحة لغوية؛ ولكن تبين أنها (حكمة أكاديمية).. فكيف يكون للأكاديمي دور رئيس في صياغة التعليم وصناعة المنهج وقيادة الثقافة في ظل أرستقراطية إدارية تراقب أنفاس التدريسي وعلاقات (الحضور والغياب) والمذهب والدين والعشيرة والقبيلة والتعليمات والتبليغات ...

وبكل اطمئنان أقول: إن جائحة كورونا هي أفضل دليل مادي على التردّي الأكاديمي في العراق، وعلى كل ما سطّرته في الفقرة السابقة؛ فإدارياً لا دليل على ما قلته؛ ولكن (تكنولوجياً) أملك دليلاً أو - على الأقل - شاهداً على قولي! ..

وأظن أن الأزمة الحالية في الأكاديمية العراقية، ليست أزمة الإنترنت أو ضعف الاتصال التكنولوجي مع الطالب، ولا هي في الخوف من الفايروس اللعين؛ بل هي أزمة (الضعف الأكاديمي) وفضيحته في ظل هذه الأزمة العالمية ..

إن مشكلتنا هي مشكلة بنيوية تتعلق في تفشي النسق الطائفي في المؤسسة الأكاديمية حتى وصل الأمر عند بعض التدريسيين الأكاديميين أن يسهب في الشرح لطلابه بشأن أحقية الخلافة وأهمية لعنة بعض الصحابة في الحفاظ على حياتهم وسعة أرزاقهم! .. وهم يمتهنون وظيفة ثانية _ أولية في صفتها وولائها _ في تنسيبهم لإحدى الميليشيات التي لها صلاحية التحكم في البلاد أكثر من السلطات التي تحدث عنها طيب الذكر ( مونتسكيو )

وعليه، كيف نريد من أسلوب تنويري تكنولوجي علمي أن يسعى في استمرارية أكاديمية في ظل بعض العقول (الحجرية) التي تصر على توظيف صراعات تاريخية لتكون محركاً ثقافياً لعصرنا الحالي وحياتنا اليومية.. ومتى نجد المسؤول الرفيع الأكاديمي ذا القلم الأخضر أو الأحمر الذي يتمرد على القوانين (الإدارية) السلطوية بعقله الأكاديمي المعارض الحر؟!

وترقبوا – جيداً - مؤتمراً صحفياً يعلن النجاح (الباهر !) عن نهاية العام الدراسي وبنسبة نجاح مذهلة - والحمد لله - نسبة تضمن لأصحاب الأقلام (الملوّنة) مدداً في عمرهم الإداري. ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

شعراء الأُسر الدينية.. انتصروا للمرأة

العمودالثامن: فاصل ونواصل

العمودالثامن: ذهب نور وجاء زيد

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

 علي حسين الحزن والكآبة والتعوّد على طقوسهما، موضوع كتاب صدر قبل سنوات بعنوان "ضدّ السعادة"، حشد فيه مؤلفه إيريك جي. ويلسون جميع الشواهد التي ينبغي أن تردعنا عن الإحساس بأي معنى للتفاؤل، فالمؤلف...
علي حسين

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 3)التجربة الكوريةتجربة كوريا الجنوبية في التعليم تعتبر واحدة من أنجح التجارب العالمية فقد استطاعت أن تحقق قفزة نوعية في مسارها التنموي، فحوّلت نفسها من دولة فقيرة إلى قوة اقتصادية عظمى في...
د. محمد الربيعي

مركزية الوهم العربي: بين الشعور بالتفوق ونظريات المؤامرة

قحطان الفرج الله مفهوم "المركزية" الذي يقوم على نزعة الشعور الجارف بتفوق الأنا (سواء كانت غربية أو إسلامية) وصفاء هويتها ونقاء أصلها. بحسب الدكتور عبد الله ابراهيم الناقد والمفكر العراقي، الذي قدم تحليلًا معمقًا...
قحطان الفرج الله

تفاسير فظيعة في تفخيذ الرضيعة

حسين سميسم وجد الفقهاء أن موقفهم ضعيف في تشريع سن الزواج، نظرا لضعف الروايات التي اعتمدوا عليها، اضافة الى خلو القرآن من نص صريح يوضح ذلك، فذهبوا إلى التفسير بحثا عن ضالتهم، ووجدوا في...
حسين سميسم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram