هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة ) تستعرض في حلقتها 150 مسيرة حارس مرمى فرق الصناعة والزوراء والقوة الجوية والشرطة والمنتخبات الوطنية السابق جليل زيدان عاكول الذي وُلـِد عام1967 ولعب أكثر من "18" مباراة دولية حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بـدايـاته
بدأ الحارس جليل زيدان ممارسة لعبة كرة القدم بالفرق الشعبية في منطقة بغداد الجديدة وبعد أن بدأ مستواه الفني يتطور قرر الانضمام إلى نادي الصناعة في منتصف ثمانينيات القرن المنصرم وبعد مباريات عدة أخذ جليل زيدان يؤكد حضوره كحارس مرمى شاب يعوَّل عليه خصوصاً أن فرق الدوري آنذاك كانت تضم مهاجمين كبارا جداً يجعلون الحارس الجيد يتألق كثيراً أمام كراتهم التي تتقاطر من مختلف الزوايا على مرماه.
في عام 1988 استدعاه مدرب منتخب الشباب أنور جسام إلى صفوف المنتخب المشارك في بطولة شباب آسيا التي جرت في الدوحة عام 1988 والتي حصل فيها منتخبنا الشبابي على كأس البطولة بجدارة كبيرة برغم أن جليلاً كان احتياطياً للحارس عمر احمد، إلا أنه كان متأهباً للمشاركة في أية لحظة يُطلب منه ذلك، كما أن الحصول على لقب البطولة كان فالاً حسناً عليه.
نقطـة التحول
وعند بداية موسم 1989 ـ1990 حصلت نقطة التحول الكبيرة في مسيرة الحارس جليل زيدان عندما استدعاه مدرب الزوراء فلاح حسن إلى صفوف فريقه بعد التشاور مع الحارس المخضرم احمد جاسم الذي كان في طريقه للاعتزال إذ وجد فيه فلاح حسن مواصفات جيدة تجعله جديراً بالدفاع عن ألوان فريق الزوراء، لتبدأ رحلة متميزة من الانجازات الكبيرة التي تمثلت بفوز الزوراء ببطولة مجلس التعاون العربي في عمان عام 1989 ثم الفوز ببطولتي دوري بغداد والكأس ، وفي الموسم التالي أسهم جليل زيدان في فوز الزوراء ببطولتي الدوري والكأس حيث كان يتناوب مع الحارس المخضرم احمد جاسم على الوقوف بين خشبات مرمى الزوراء، لكن بعد انتقال الحارس احمد جاسم من الزوراء إلى صفوف فريق الطلبة في موسم1991 ـ1992 بات جليل زيدان الحارس الأول في الزوراء ويناوبه الحارس المتألق عامر عبد الوهاب حيث أخذ جليل زيدان يؤكد وجوده بين الحراس الكبار، إلا أن هذا التأكيد لم يأتِ في محله بسبب الحصار الذي فُرض على الكرة العراقية والذي أدى إلى تجميد المشاركات الخارجية.حيث حُرم جليل زيدان من أخذ فرصته في المشاركات الخارجية.
وقد بقي جليل زيدان يدافع عن مرمى الزوراء حتى نهاية موسم1995 ـ1996 إذ شهدت هذه المرحلة تحقيق الزوراء الكثير من الألقاب أبرزها الفوز ببطولة الدوري ثلاث مرات وكذلك ببطولتي الكأس وكأس المثابرة لأكثر من مرة، حيث قرر في نهاية ذلك الموسم الانتقال إلى فريق القوة الجوية ليكون تواجده بمثابة طير السعد على الجويين الذي تمكن من إحراز أربع بطولات في ذلك الموسم تحت إشراف المدرب أيوب أوديشو.
مسيرته الدولية
في عام1996 اختاره شيخ المدربين عمو بابا إلى صفوف المنتخب الوطني الذي كان يستعد للمشاركة في تصفيات دورة أمم آسيا التي جرت في الأردن، إلا أنه أُبعد من قبل بابا لاحقاً برغم اختياره كأفضل حارس مرمى في العراق لموسمين متتاليين، وبعد ذلك قرر الاتحاد العراقي لكرة القدم إبعاد عمو بابا عن مهمة تدريب المنتخب العراقي وأناط المهمة بمساعده يحيى علوان الذي شارك في بطولة لال نهرو ثم في نهائيات بطولة أمم آسيا التي جرت في دولة الإمارات العربية المتحدة ثم شارك مع المدرب المذكور في تصفيات كاس العالم عام1997 قبل أن يتم إبعاده وإناطة المهمة للمدرب أيوب أوديشو الذي خاض معه جليل زيدان آخر مباراة دولية في حياته وكانت ضد منتخب أوزبكستان في أوزبكستان وانتهت لصالح المنتخب الأوزبكي بثلاثة أهداف.
التألق مع النفــط
في موسم 1998 ـ1999 انتقل جليل زيدان من فريق القوة الجوية إلى صفوف فريق النفط، حيث تألق كثيراً مع هذا الفريق وأسهم مساهمة فعالة جداً في فوز فريقه السابق"الزوراء" ببطولة الدوري بعد أن وقف في وجه هجمات فريق الطلبة المتتالية ومنعه من تسجيل أي هدف لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي وهذا التعادل جعل الزوراء بطلاً لذلك الموسم، وقد أُتهم جليل زيدان بعد المباراة المذكورة من قبل جمهور الطلبة بأنه تلقى الرشوة من أحد نجوم الزوراء الكبار آنذاك، إلا أنه نفى تلك التهمة جملةً وتفصيلا وأكد على أن ما قدمه من مستوى كبير فيها له سببان، الأول يتعلق بالدفاع عن ألوان فريقه، أما السبب الثاني فيعود إلى أنه أراد أن يؤكد وفاءه لفريق الزوراء وجمهوره وبالفعل حقق ما أراده.
الانتقال للشرطة
في موسم2000 ـ2001 قرر جليل زيدان الانتقال من فريق النفط إلى فريق الشرطة، لكن رحلته مع الفريق المذكور لم تكن جيدة خصوصاً أن شباكه تلقت خمس كرات من قبل لاعبي الزوراء، حيث أثرت عليه تلك المباراة كثيراً وجعلته يفكر بالاعتزال، إلا أنه فضَّل الاعتزال مع الزوراء حيث مثله في موسم2002 ـ2003 الذي لم يكتمل بسبب ظروف الحرب ليعتزل اللعب ويتحول إلى تدريب حراس المرمى حيث كانت له مهام كثيرة أبرزها مساهمته في تأهل منتخبنا الشبابي إلى مونديال تركيا للشباب بجدارة كبيرة.
أجمل مبارياته
خاض جليل زيدان العديد من المباريات الجميلة لكن أبرزها مباراة النفط والطلبة التي انتهت بالتعادل(0 ـ 0). كذلك يعـد مباراة الزوراء والرمادي في بطولة الكأس التي تمكن فيها من رد أربع ركلات ترجيحية جعلت فريقه يكون بطلاً للكأس من المباريات الجميلة ، وبالمقابل فأنه يشعر بالندم الكبير لتسببه بخسارة فريقه"الزوراء" أمام الجوية في موسم1993 بعد أن احتفظ بالكرة وتم خطفها من مهاجم الجوية جعفر عمران ليسجل منها هدفاً ما كان ينبغي أن يُسجل جعل فريقه يخرج خاسراً بهذا الهدف وكذلك يتعرض إلى عقوبة السجن بسببه.
مميزاتـه
يمتاز الحارس جليل زيدان برشاقة الجسم والخفــة والمرونة وهذه الصفات جعلته قادراً على التقاط الكرات قبل أن تصل إلى رؤوس أو أقدام المهاجمين، كما يتميز برد فعل سريع جداً، فضلاً عن قدراته الهائلة في رد ركلات الجزاء، وكان يمكن لجليل زيدان أن يكون أكثر شهرة لولا أن مرحلة بروزه تزامنت مع قلـة مشاركات المنتخبات العراقية في البطولات الخارجية.
أبـرز المدربين
موفق المولى، أنور جسام، فلاح حسن، عمو بابا، يحيى علوان، أيوب أوديشو، كاظم الربيعي، هادي مطنش، علي كاظم، عدنان حمـد، صباح عبد الجليل، قاسم أبو حمرة، وعـد عبد الوهاب واحمـد جاسم .