علي حسين
نتأمل الصور التي ازدحمت بها مواقع التواصل الاجتماعي لتظاهرات "من قتلني" والتي تطالب بالكشف عن قتلة متظاهري تشرين، وندقق جيداً فى هذه اللحظة التى تتشابك فيها أيدي شباب الناصرية مع فتيان الأعظمية، وأصوات متظاهري بابل تختلط بأصوات محتجي كربلاء،
وتحت نصب الحرية ترفرف صور صفاء السراي وإيهاب الوزاني وأمجد الدهامات وفاهم الطائي وهشام الهاشمي وسعاد العلي ، فيما تبتسم رهام يعقوب لعمر سعدون في ساحة النسور ، وتنتظر سارة يعقوب أن يعود حبيبها حسين عادل .أكثر من 700 شهيد طافت أرواحهم بين ساحة النسور والتحرير مرورا بساحة الفردوس، وهم ينظرون ألى الانتفاضة المقدسة التي اختطف شعلتها شباب بعمر الزهور كان الشهداء قد أصبحوا أيقونتها، هذه الشعلة المقدسة التي تلقفتها الجماهير فتدفقت في ساحات الوطن بعد أن تصور حيتان الخراب أنهم استطاعوا أن يحاصروا روح الاحتجاج والرفض في نفوس العراقيين، ليقدم لنا صفاء ورفاقه الدرس البليغ بالدفاع عن الحق والتمسك به والاستشهاد من أجله.
في استعادة "انتفاضة تشرين"، تبقى صور الشهداء حية في ضمائر العراقيين، وستتوارى صورالقتلة مثلما توارت صور الكثير ممن لا يحبون أوطانهم .
تقول لك معظم الجهات السياسية من على شاشة التلفزيون إن تظاهرات الشباب في ساحة الوطن حق مشروع.. لكنها في المساء تصم هذه القوى أذانها وعيونها عن الجرائم التي ترتكبه ضد المتظاهرين، ولا تنس عزيزي القارئ أن الحكومة ستندد صباح اليوم التالي بعمليات القتل وتعلن إجراء تحقيق فوري لمعرفة من أطلق الرصاص..
ولهذا ياعزيزي المواطن المغلوب على أمره لا تسأل عن عناوين الذين استخدموا الرصاص الحي ضد متظاهرين سلميين، خرجوا يسألون لماذا صرفنا 80 مليار دولار على وهم اسمه إصلاح المنظومة الكهربائية؟، خرجوا يطالبون بمحاسبة حيتان الفساد الذين حولوا أموال العراق إلى حساباتهم الخاصة، وأن هذا الملف، وأعني، ملف استباحة دم المتظاهرين لن يفتح على مصراعيه، لأنّ هناك "خطوط حمراء" كثيرة لا يمكن الاقتراب منها.
في عصر الفضائيات و"العالم قرية صغيرة" وثورة مواقع التواصل الاجتماعي، لا يعرف أحد في بلاد الرافدين من هي الجهات التي اغتالت شباب تشرين بكل حرية،
لاحِظ جنابك الكريم أن من بين أبرز أخبارنا أن لجنة الأمن والدفاع في البرلمان لم تصدر بياناً تدين فيه ما جرى في من قتل واغتيالات ، لكنها "بشرتنا" بأن قانون جرائم المعلوماتية جاهز، وأخبرنا أحد النواب الأشاوس بأن أهمية القانون في أنه يحتوي على عقوبات تصل أحكامها إلى الإعدام.
منذ انطلاق تظاهرات تشرين وأحزاب السلطة تريد أن تؤكد للعالم بأن الذي سرق البلاد وخربها وأشاع الطائفية والمحاصصة وباع المناصب إنما هم العراقيون المعتصمون ضدها في ساحات الاحتجاج .