TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: أفلام الأغاني

كلاكيت: أفلام الأغاني

نشر في: 26 مايو, 2021: 10:38 م

 علاء المفرجي

سادت أفلام الأغاني في السينما العراقية، مع بداية الإنتاج السينمائي العراقي منتصف القرن المنصرم متأثرة بسيادة هذا النوع من الأفلام في السينما المصرية واللبنانية، حيث كان لهذه السينمات دور بارز في الإنتاج السينمائي العراقي، وتحديداً في الأفلام الأولى التي أنتجت،

خصوصاً وأن إنتاج الأفلام العراقية في بدايتها كانت رهن شركات القطاع الخاص التي ازدهر نشاطها في خمسينيات القرن المنصرم، وبشكل عام كانت أفلام الأغاني تستلزم إنتاجاً كبيراً، وهو الأمر الذي ساعد في انحسارها بشكل كبير فيما بعد.

والسينما العراقية تبدو فقيرة من حيث الإنتاج قياساً بمثيلاتها المصرية واللبنانية مثلاً، مثلما هي قاصرة عن مطاولة هذه السينمات بالخبرة أو بالقيمة الفنية بشكل عام. وهو ما انسحب على إنتاج أفلام الأغاني بشكل خاص، حيث تميزت هذه الأفلام بخطاباتها المباشرة بل وسذاجة موضوعاتها التي احتكمت الى سيناريوهات مفككة، وإخراج لا يرتقي الى مستوى مقبول في الأقل.

فأفلام مثل (ارحموني) الذي أخرجه حيدر العمر وأنتج عام 1958، هو ليس سوى ميلودراما منسوخة بشكل مشوّه من الأفلام المصرية، وإذا كان من نجاح أصابته في الصالات العراقية، فكان لمشاركة اثنين من نجوم الغناء آنذاك، الملحن رضا علي، وهيفاء حسين.. والأمر يطال العديد من هذه الأفلام والتي تعكّزت على مشاركة مطربين عراقيين أصابوا شهرة وقتذاك مثل الموسيقار والملحن فاروق هلال الذي كان بطلاً لفيلمين هما (مع الفجر) عام 1964 إخراج عبدالجبار العبيدي، و(درب الحب) 1966 إخراج برهان الدين جاسم، وصوت المطرب داخل حسن في فيلم (العودة الى الريف) 1963 الذي أخرجه فالح عبد العزيز، وحتى فيلم (الجزاء) 1970 والذي أخرجه حسين السامرائي، والذي شارك ببطولته اثنين من نجوم الغناء الصاعدين حينذاك هما ياس خضر وجاسم الخياط وغيرهما.

ولم تلق هذه الأفلام استحساناً من قبل النقاد على الرغم من نجاح بعضها جماهيرياً في صالات العرض العراقية، حتى أن الرقابة منعت أحداها ولم يستمر عرضه سوى ثلاثة ايام وهو فيلم (حمد وحمود) لأفكاره السطحية وسذاجته وضعف إخراجه.

ولعل فيلم (البصرة الساعة 11) 1963 بتوقيع المخرج وليم سايمون والذي انطوى على لغة سينمائية متقدمة، وهو دراما بوليسية ومطاردات بين الشرطة ومهربي المخدرات، وشاركت في بطولته واحدة من أهم مطربات ذلك الزمن (أحلام وهبي)، يعد أفضل هذه الأفلام التي شهدت انحساراً واضحاً في الثلاثة عقود الأخيرة لولا الفيلم الغنائي الحديث (الى بغداد) المنتج عام 2020 من اخراج أنور الياسري، ومثل بطولته نجم الغناء العراقي الفائز ببرنامج (ذا فويز) ستار سعد وهو فيلم رغم تطور تقنيات صناعة الأفلام لم يخرج عن مستوى من سبقه.

فليس غريباً أن تنحسر الأفلام الغنائية عربياً، ذلك أنها تمثل نوعاً من الإنتاج السينمائي الكبير والمكلف، فضلاً عن الشغف الذي يميز القائمين عليه لجهة كيفية بناء جسر بين الصورة والصوت وفق تصور جمالي شامل لا يبدأ باختيار أجمل الوجوه وأقربها للجمهور وصولاً إلى تكليف ملحنين كبار وشعراء أغنية، مروراً بمصممي رقصات (كوريغراف) وديكورات خاصة.. لا الشغف هذا موجود اليوم مثلما هو نادر ذلك التجريب الانتاجي الذي يبدو اليوم مغامرة غير محسوبة، كما أن المكانة التربوية والجمالية التي كانت تحققها الأغنية في الجمهور غير حاضرة.

فإذا كان الإنتاج السينمائي العراقي في مجال "الفيلم الغنائي" فقيراً نسبياً بالقياس إلى مثيله المصري وحتى اللبناني، لكنه كان حاضراً ومؤثراً في أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته، مع انتعاش روح المبادرة الفردية والخاصة وثقافة الإنتاج الخاص، لكنه قد انحدر هذا منذ منتصف الستينيات، قبل أن يتم تأميم السينما وإخضاعها لذائقة حكومية قائمة على استخدام السينما وعموم العمل الثقافي في الدعاية الرسمية وغسيل الدماغ بما يناسب العقيدة الحزبية الحاكمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram