عمـار سـاطع
برغم أن التفاؤل قائم حتى الآن، فيما يتعلّق بمستقبل مهمّة منتخبنا الوطني لكرة القدم، ورحلة مشاركته في المشوار للمحطة الحاسمة من منافسات المجموعة الآسيوية الثالثة التي ستنطلق في العاصمة البحرينية المنامة في النصف الأول من الشهر المقبل، ومباراته أمام كل من كمبوديا وهونغ كونغ وإيران!
أقول إن التفاؤل ما يزال في أوجِه، على الرغم ممّا أصاب الكثير من المتابعين والمهتمّين بالاحباط المعنوي، إثر التعادل السلبي التي تحقّق لمنتخبنا أمام نظيره الطاجيكي في مدينة البصرة قبل ثلاثة أيام في مباراة ودية كان يفترض بالجهاز التدريبي للمنتخب أن يستغلّها ويُحقق بعضاً من النقاط المهمّة فيها على المستوى الفني، بيد أن ذلك لم يحدث، بل وترك آثاراً شتّت الأذهان وأصابت الكثيرين بخيبة كبيرة تركت بعدها علامات استفهام عدّة على واقع ما يحدث في المنتخب!
نعم.. كان يفترض بالسلوفيني كاتانيتش، مدرب أسود الرافدين، أن يتفهّم جيداً أن فرصة خوض مباراة أمام طاجيكستان، لن تتكرّر، وعليه أن يستغلّها بالشكل الصحيح، ويعرف جيّداً أن المباراة هي أقرب لأن تكون اختباراً حقيقياً له وللعناصر التي سيختارها للعب مباراة مرحلة الحسم الأولى أمام كمبوديا في السابع من الشهر المقبل، وأن يعني تماماً أن النتيجة الإيجابية لهذه المباراة ستضعنا في موقف إيجابي وتزيد من حظوظنا في بلوغ مرحلة الحسم، بل أنها تدفع فريقنا الى الواجهة وتُبعدهُ عن الضغوطات التي تُحاصره خاصة في هذه الفترة.
وفي اعتقادنا.. أن الأمل في الاستقرار على التشكيلة الأمثل والأكمل من لاعبين يطبّقون أفكار المدرب على الأديم الأخضر، موجود ولم يتلاشَ، وستكون هناك فرصة ثانية للاعبينا ومدرّبهم في التعويض وإثبات هويتهم، والتعامل بحِنكة وذكاء أكبر، من خلال مباراة بعد غد السبت أمام النيبال، لتكون تلك المواجهة شبه (بروفة) فعلية تدفع فريقنا لأن يكون أكثر تركيزاً على نوعية الأسلوب الأنجع الذي سيجلب لنا خيار الإرتقاء بواقع المنتخب، وينفض غبار غياب الاستقرار عنه، ويُنقّي الأجواء بشكل إيجابي يرفع من قدرات اللاعبين المكبوتة، والمَخفيّة إن صحّ التعبير، بسبب التخوّف الذي سيطر على تفكير المدرب في الآونة الأخيرة، والذي ظهر ذلك جليّاً وبشكل واضح في مباراة طاجيكستان التي نتمنّى أن نتجاوز تفاصيلها من دون العودة بالتفكير فيها!
غير أننا هُنا لا نريدُ أن نبتعد عن المضمون الفني ومدى التصوّرات التي خلقت لنا جميعاً توقعات تسبق حدث المنامة الأهم، ففريقنا أمام 270 دقيقة تفصله عن الوصول الى مرحلة الحسم الأخيرة المؤهّلة لمونديال قطر 2022 ونهائيات آسيا في الصين 2023، وعليه أن يعرف مِن أين تؤكل أكتاف منافسيه، والطريقة الأكثر سهولة في كسب النقاط الست التي تنقله من مرحلة المنافسة الى جولة الحسم الفعلي!
وبمقابل ذلك كلّه، فإن فريقنا الوطني يعيشُ في فترة تجريب اللاعبين، وهو أمر غادرته أغلب المنتخبات، بل إن الاستقرار على التشكيلة الفعلية ما تزال غائبة تماماً عن أجندة المدرب الذي يعيش في مرحلة غير مكتملة الفصول، وهو ما يعني أن المدرب بعيد عمّا وصلت إليه الفرق المنافسة له في المجموعة مثل البحرين وإيران المنافسين على قمّة المجموعة التي نتسيّدها بـ 11 نقطة، بل وحتى هونغ كونغ التي لم تنقطع درجة طموحاتها المشروعة في الدخول كمنافسة رابعة في مجموعة أقرب لأن تكون مجموعة الموت، فيما تتّضح الصورة لدى المنتخب الكمبودي، أضعف أضلاع فرق المجموعة!
لا نريد أن نستبق الأحداث، لكن المنطق يفرض علينا نفسه بقوة، ويطرح ربّما أحد أبرز التساؤلات التي من شأنها أن تكون الإجابة عليه، أقرب لأن تكون بديهية، أكثر من كونها بحاجة الى الوقت للتفكير عليه والتعمّق في الإجابة عليه: هل أن كاتانيتش راضٍ عن الصورة الحقيقية والأسلوب العام الذي لعب به مباراته أمام طاجكستان؟ الجواب سيكون كلا بكل تأكيد، والدليل أنه خاض مباراة، الأثنين الماضي، بشكل مليء بالتناقضات والمتغيّرات، إذ تحفّظ بداية وسعى لخلق الحلول الفنية فيما بعد، وناور بلاعبين وزجّ بآخرين وأراد أن يفوزَ بأيّ شكلٍ من الأشكال، فهاجمَ متأخّراً وخسِرَ أصوات مؤيّديه في نهاية المباراة، وأضاع الخيط والعصفور معاً، برغم أن الحسنة الوحيدة التي يُمكن أن نسجّلها هو اكتشاف اللاعب بسام شاكر، موهبة كروية جديدة ستشقُّ طريقها صوب الدولية.
حقيقة لابدّ أن يتفهّم البعض من الذين يقفون مدافعين عن المدرب ذاته، لكنّهم يفشلون في مواجهة المنطق الذي يعلو ولا يُعلى عليه، والسبب أن مباراة طاجيكستان لم تُستثمر إيجايباً باعتبارها فرصة مهمة للمدرب، وما ستتبعه من مباراة النيبال، بعد يوم غدٍ السبت، كونها اِختباراً نهائياً للاعبينا، الذين يفتقرون الى الحلول ويواجهون الانتقادات كونهم لم يهضموا أفكار المدرب بعد 35 مباراة رسمية معه في غضون عامين وتسعة أشهر!
نقول.. أن الأمل قائم، ولن يتزحْزَح، مثلما أن اللاعبين يتفهّمون شعار "عند الشدائِد تظهر معادن الرجال".