TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لماذا يريدون تشريد الجواهري؟

العمود الثامن: لماذا يريدون تشريد الجواهري؟

نشر في: 26 مايو, 2021: 11:15 م

 علي حسين

عندما قال لي الدكتور فلاح الجواهري نجل شاعر العرب الأكبر أن متحف الجواهري الذي كان قد أعلن عن تأسيسه عام 2012 لا يزال ينتظر عطف الدولة أن تشتري له بعض الأثاث، تصورت ان الامر مجرد مزحة عندما اكد نجل الجواهري أن المتحف الذي يفترض أن يتحول إلى متحف وطني بحاجة إلى "بردات ومناضد وبعض الكراسي".

وأنا أنصت إلى صوت كفاح الجواهري الحزين، قلت مع نفسي لا يقدِّر الكبار سوى الذين يحبون أوطانهم.. ويبدو أننا أصبحنا في أمس الحاجة إلى مسؤولين يحبون أوطانهم، ويقدرون رموزهم. أتذكر أنني كتبت قبل أعوام عن بيت غائب طعمة فرمان الذي تحول إلى مكب للنفايات، في الوقت الذي نفذت فيه مصر مشروع "عاش هنا"، حيث وضعت لافتات رقمية لتوثيق المباني التي سكنها يوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وزكي نجيب محمود ومئات غيرهم.. فتجد المواطن المصري يعرف أين يقع منزل الشاعر حافظ إبراهيم، وفي أي زقاق سكن الشاعر أمل دنقل، هذا إلى جانب متاحف بأسماء طه حسين والعقاد وأحمد شوقي ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، ولو سألت عراقيا، أين يقع منزل غائب طعمة فرمان؟ وأين يقع منزل عبد الوهاب البياتي؟ وأين كان يجلس علي الوردي؟، لهز يده بطراً وتصورك مجنوناً.. فهل يعقل أن بلاداً تضم كوكبة من القادة "المؤمنين" تتنازل وتتذكر أدباء وفنانين؟ مثل الجواهري والسياب والأثري وجواد علي ومصطفى جواد الذين لفهم الصمت والنسيان مثلما يراد لراوية سيرة العراق وكفاحه محمد مهدي الجواهري، صاحب المعلقات الشعرية التي قرأ فيها أفراح العراقيين وآلامهم ومسراتهم، أوجاعهم وأحلامهم. أحد عشر عاماً والجواهري ينتظر من المسؤولين أن يتذكروه. ينظر إلى بغداد، التي تستكثر عليه متحفاً، وهو الذي دأب طوال حياته على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يجسد صورة مثقف الشعب الذي يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.

اليوم متحف الجواهري وهو ينتظر عطف الدولة، فاننا بمواجهة أفعال تشعرنا بالخجل والأسى ، لان البعض يريد ان تشعرنا أنّ قصائد الجواهري كانت رحلة عابرة في حياة العراقيين، فيما صاحب " دجلة الخير ، الذي يراد له ان يغيب،وبدلاً من أن نقيم له متحفاً بحجم سيرته ومواقفه، يكون شاهداً على تاريخ العراق.

الذين يستكثرون على الجواهري متحفا وشارع باسمه ، هل سألوا أنفسهم لماذا يريدون ان يتركوا الجواهري من دون تمثال في كبرى ساحات بغداد، ومتحفاً يحج إليه العراقيون، متحف تريد ذئاب الروتين الحكومي ان تفترسه ، لمجرد ان الدولة لا تملك اموالا تشتري بها مستلزمات بيت اكبر شاعر عربي انجبه العصر الحديث .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Anonymous

    يكفي المرحوم ابو فرات الجواهري ان رفعه المرحوم طه حسين من انه المتنبي العصر الحديث ومن انه يقف على رأس كافة الشعراء للقرن العشرين .

  2. كاظم مصطفى

    وقد وصفه عميد الادب العربي المرحوم طه حسين من ان الجواهري متنبي العصر الحديث وهو على رأس كافة شعراء الرون السابقه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram