شعر: أديب كمال الدين
قمر تائه في الطريق
حينَ عدتُ البارحة إلى البيت،
وجدتُ قمراً تائهاً في الطريق،
فضحكتُ.
لكنّهُ لم يكنْ باسماً
حينَ سألني عن البحر.
ولم يكنْ غاضباً
حينَ أخبرتُهُ أنّني تائهٌ أيضاً،
حينَ أخبرتُهُ أنّني شاعرُ التيهِ والأرتباك.
حتّى قيل
من رحمِ الحلمِ وُلِدتُ.
حتّى قيلَ إنّني منذُ الولادة
كنتُ حرفاً يعشقُ نقطتَه
أو نقطةً تعشقُ سِرَّها
أو حاء سقطتْ من كلمةِ الحُبّ
أو باء غرقتْ في شهوةِ الحلم.
سلحفاة في بئر
في الحلمِ
رأيتُ سلحفاةً تسبحُ في قعرِ بئر.
وحينَ استيقظتُ احترتُ:
أ أكتبُ عنها قصيدةً من طين
أم أرسمُها في لوحةٍ من ماء؟
انسلّتْ واختفتْ
أكثر ما يخيفني في حياتي
أنّني كلّما أمسكتُ بروحي
لأكشفَ أسرارَها
انسلّتْ واختفتْ.
في آخر مَرّة
أمسكتُ بها بطريقةٍ وحشيّة
حتّى تساقطتْ أصابعي كلّها
على الأرض.
فانسلّتْ روحي- مثل كلّ مَرّةٍ- واختفتْ.
الجالس في المتاهة
أولئكَ الذي يرونَ أنفسَهم
جالسين وسطَ الزهور
في أحلامهم أو حدائقهم
لا يشبهونني أبداً.
أنا أجلسُ، عادةً، في المتاهة،
وحينَ أملُّ منها أقفزُ
لأمتطي غيمةً تائهة.
رمادِ الحروف
تريدُ القصيدةُ أن تتحدّثَ عن الغيم،
وأنا أريدُ أنْ أتحدّث
عن ثوبِ حياتي المُتهرِّئ.
تريدُ القصيدةُ أن تحلّقَ عالياً عالياً
حيثُ القمر والنُّجوم،
وأنا أريدُ أنْ أجدَ حَلّاً
لثوبِ حياةٍ لا يمكنُ رَتْقه أبداً
لأنّهُ صُنِعَ من رمادِ الحروف.
كم كنتِ جميلةً يا أحلامي
ياه...
كم كنتِ جميلةً يا أحلامي
قبلَ أن تضيعي في سلاسل الأَسْر،
وترقصي برأسٍ مقطوع
في مدنِ الحرمان،
وتصرخي بكلِّ أبجدياتِ الأرض
في ليالي الجنون.